Ara Falsafiyya ee Dhibaatada Casriga
آراء فلسفية في أزمة العصر
Noocyada
والتطور التاريخي كذلك الذي نمر به لا يتم في يوم واحد؛ فعامل الزمن ضروري لكي يتمكن العقل من السيطرة على الوسائل المادية المريعة التي وضعتها بين أيدينا الضعيفة الثورة الصناعية والتكنولوجية. وعامل الزمن ضروري لكي يهز الثورة الخلقية الروحية التي نحن أشد حاجة إليها منا إلى أية ثورة أخرى، تهزها من أعماق الحيرة البشرية؛ لأن أقل ما نتطلبه هو انتصار إيمان الكتاب المقدس في السلوك الاجتماعي للإنسان فوق هذه الأرض. إن تجديد الحضارة الذي نأمل فيه، وعصر الإنسانية المتكاملة، والوقت الذي يتم فيه التوفيق بين العلم والحكمة، وإنشاء دولة مشتركة أخوية، وبداية التحرر البشري الحق، كل ذلك لا ننتظره في غدنا، وإنما ننتظره بعد غدنا، ننتظره في اليوم الذي أعلن القديس بولس أنه سوف يكون - بعد أحلك الظلمات - كالربيع تزدهر فيه الدنيا وتتجدد.
إن كل مجهود يبذل في هذا السبيل لا بد أن يثمر في نهاية الأمر. ولست أشير إلى النضال الروحي لأولئك الذين استمعوا - كما قال هنري برجسن - إلى نداء البطل، الذين ينبهون الناس إلى المحبة التي يبشر بها الكتاب المقدس، لا أشير إلى ذلك فحسب، وإنما أشير أيضا إلى النضال الدنيوي لأولئك الذين يهبون أنفسهم لرفع مستوى حياة إخوانهم وتنويرهم، من علماء وشعراء ورواد للعدالة الاجتماعية. وأشير إلى الجهد اليومي الذي يبذله أولئك الذين لا يعرفون الراحة ما دام إخوانهم في عبودية وبؤس. وحتى إن كانت الظروف العامة في العالم وما تجمع لدينا من أخطاء يحول دون أن تتغلب أمثال هذه الجهود في الوقت الحاضر على الشرور التي تتدفق من كل صوب، فهي تمهد لعهد تزداد فيه كرامة الإنسان وتنتشر فيه المحبة تحت رعاية الله.
وحتى هذا لن يكن إلا خطة في تاريخ كوكب صغير قابل للفناء. والأمل يتجاوز الزمن؛ لأنا ننتظر في النهاية بعث الأموات، والحياة الأبدية. هذا هو الإيمان الذي نعيش له، ولما كنا نعيش له فهو الإيمان الذي نعيش به.
6
المصادر
كل المختارات التي وردت في هذا الفصل مقتبسة من كتاب «مدى العقل» لجاك ماريتان.
1
احتمالات التعاون في عالم منقسم.
2
الإنسانية المسيحية.
Bog aan la aqoon