407

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Daabacaha

دار الهلال

Daabacaad

الأولى

Goobta Daabacaadda

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Noocyada

من الأشراف، فيهم ثلاثة كانت إليهم زعامة أهل نجران، أحدهم العاقب، كانت إليه الإمارة والحكومة واسمه عبد المسيح، والثاني السيد، كانت تحت إشرافه الأمور الثقافية والسياسية واسمه الأيهم أو شرحبيل، والثالث الأسقف وكانت إليه الزعامة الدينية، والقيادة الروحانية، واسمه أبو حارثة بن علقمة.
ولما نزل الوفد بالمدينة، ولقي النبي ﷺ سألهم وسألوه، ثم دعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، وسألوه عما يقول في عيسى ﵇، فمكث رسول الله ﷺ يومه ذلك حتى نزل عليه: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ: تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ، وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ، وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ [آل عمران: ٥٩، ٦٠، ٦١] .
ولما أصبح رسول الله ﷺ أخبرهم بقوله في عيسى ابن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة، وتركهم ذلك اليوم؛ ليفكروا في أمرهم، فأبوا أن يقروا بما قال في عيسى. فلما أصبحوا وقد أبوا عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسى، وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول الله ﷺ إلى المباهلة، وأقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له، وفاطمة تمشي عند ظهره، فلما رأوا منه الجد والتهيؤ خلوا وتشاوروا، فقال كل من العاقب والسيد للآخر: لا تفعل فو الله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك، ثم اجتمع رأيهم على تحكيم رسول الله ﷺ في أمرهم، فجاؤوا وقالوا: إنا نعطيك ما سألتنا. فقبل رسول الله ﷺ منهم الجزية، وصالحهم على ألفي حلة، ألف في رجب، وألف في صفر، ومع كل حلة أوقية، وأعطاهم ذمة الله وذمة رسوله، وترك لهم الحرية الكاملة في دينهم، وكتب لهم بذلك كتابا، وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلا أمينا، فبعث عليهم أمين هذه الأمة أبا عبيدة بن الجراح؛ ليقبض مال الصلح.
ثم طفق الإسلام يفشو فيهم، فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا إلى نجران، وأن النبي ﷺ بعث إليهم عليا، ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، ومعلوم أن الصدقة إنما يؤخذ من المسلمين «١» .
١٣- وفد بني حنيفة
- كانت وفادتهم سنة ٩ هـ. وكانوا سبعة عشر رجلا فيهم مسيلمة

(١) فتح الباري ٨/ ٩٤، ٩٥، زاد المعاد ٣/ ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، وقد اضطربت الروايات في بيان كيفية وفد

1 / 414