أما هيكل، وهو من المغامرين في الثرثرة، فعنده لكل مقال مقام. يلجأ هنا إلى ما قل ودل، فيتطلع تطلع النسر، ثم ينحني صوبك ليهمس في أذنك: الكبير منهم بيدي مثل الخاتم في الخنصر. وإذا بانت في وجهك دهشة قال لك باستهتار: نعم، نعم. كبر وصغر يا سيدي.
ويتعرم عليك هيكل مشيحا بوجهه عنك، فيقرصك الوسيط قرصة لاذعة ليقول لك: صدق يا سيدي. ويروي لك واحدة من خوارق الأستاذ هيكل ويختمها بقوله: الشكران في الوجه مذمة. ثم يغمزك صارا أصابعه، مرجئا الحديث لئلا يجرح تواضع الأستاذ بلا علم ...
الناس مغارس، وكذلك هم هؤلاء الدجالون الهبالون، إذا مات منهم سيد قام سيد، قلما يخلو منهم بلد. أما هيكل فهو رجل الساعة، له في كل عرس قرص، ينشر في الصحف كلاما يتملق به أولي الأمر كما تتملق هرتك بحك جلدها، فيمسي مقربا منهم ولا حاجب عليه ولا بواب.
قد ينقع الحر الكريم عند أبوابهم ساعات ويأتي هيكل فيجره بطوقه، وإن احتشم فبطرف ردائه كأنه يدعوه إلى مأواه، حتى إذا توسط به الديوان قدمه إلى صاحب الكرسي على أنه بيضة البلد وزعيم المنطقة ... وبهذا ينفتح فم محفظتك، ولو كان مصابا بالكزاز،
12
لمن وقاك مهانة الابتذال وذل الوقوف على الأبواب.
وصدق هيكل نفسه فغرته عينه بجميع البشر، واتجه حديثه اتجاها جديدا لما كبر، فصار يقول: أمس كنا مع فلان في «البار الفلاني»، وأول من أمس كنا في «السرك» الفلاني. خسر أكثر من ألف ليرة، شرب حتى تلف، ثم يدق على صدره مؤكدا: أنا وصلته إلى بيته، منذ عشرين سنة لا نتفارق، مثل اللحم على الظفر.
وذكروا له، في إحدى السهرات، شابا ولي الرئاسة قبل إبان الرئاسة، وسألوه: منو
13
مفتاحه؟
Bog aan la aqoon