فضحك فتى وقال سرا: تشرفنا. ثم غمز رفيقه كأنه يقول: سنرى. فأسفرت تلك الغمزة عن مؤامرة مرتجلة، كان لها شأن جليل في تاريخ القرية.
لم يسمع أبو جبرايل وأتم حديثه قائلا: لا تخافوا علي، معي الخوري، بركة صليبه تحرسني.
فقال آخر: انتبه لئلا ينشلوا الطحنة. مرة قعدت الجنية لرجل في عرض الدرب، وأخذت تنوح وتبكي طالبة منه أن يركبها على دابته من النهر إلى الضهر، فأعجبه جمالها، فحط طحنته وأركبها، أعطته ليرة فرح بها، ولكنه لم يجد الطحنة لما رجع، وافتقد الليرة فإذا هي شقفة فخار.
وقال ثان: وظهرت الجن لبو أنطون بشكل حطب، فحطب وعاد، وكان يتعجب من خفة حملته، فلما حطها قدام الباب دق جرس الظهر فصلب، فاختفى الحطب كله إلا عودين من الزيتون.
فقال شيخ: الزيتون مبارك.
فصرخت أم جبرايل: اسم الصليب وذكر الصلبان.
وقال واحد: ملاعين الجن، سبحان خالقهم، أعطاهم خاصة ما أعطانا إياها. قال عمي بو جبرايل معه الخوري، كأنه نسي قصة الخوري متى لما دعوه ليكلل لهم العريس، صلب الخوري فانطفأت الأنوار واختفت الجماهير، فمات من الفزع، وبقي لسانه مربوطا شهرين.
كان أبو جبرايل يسمع ويعتبر وينظر إلى عضلاته الغليظة ... نوى في تلك الساعة أن يرجع قبل المغيب، وتسلح قبل الرحلة بكتاب مار قبريانوس، وبصليب ورثه عن جده، ولكن الدواب قصرت في العقبات الكثيرة فوصلت آخر السهرة وتبعها أصحاب الحوائج فكوا الحمولة ونزلوها، وانتظروا أبا جبرايل فما جاء.
رابهم أمره، فقالت إحدى النساء: سمعت حس مشي خلف الدواب، فأين اختفى؟ وكيف وصلت وحدها؟
فأجاب مستشار الضيعة: جن، قلت له لا تتأخر فما سمع كلمتي.
Bog aan la aqoon