4
ذلك الوجه الصلب في شيخوخة أبي نعوم المباركة إلا رمد ربيعي اجتمع أشده في السبعين، فصارت حدقتاه كعيني الوروار. وفي الثمانين ارتخى جفناه فانقلبا ظهرا لبطن. أما عقله وجميع حواسه فما أخذت منها الأيام شيئا، عقل ابن ثلاثين لولا أنه يحدث نفسه بصوت عال.
يقعد على صفة
5
قرب حائط الكنيسة يتشمس. إن شرقت الشمس شرق معها، وإن غربت غرب، ومتى غابت يغيب في فراشه. وفي هذه الجلسات قلما يسكت، يهرف
6
مراجعا ذكرياته، لم يتعلم ليكتبها ويحصى بين المؤلفين؛ لذلك كان يحدث بها نفسه إلقاء وإيماء كأنه يكرر دورا تمثيليا ليجيد إخراجه على المسرح، وأن الليلة ليلة تمثيل الرواية.
تجري على لسانه أقوال حكيمة لو قالها في الأربعين والخمسين لأحصي مع الحكماء الكبار، ولكن الشيخوخة متهمة،
7
وإن قالت من الأقوال أثقبها. لو نطق في الأمس بما يقوله اليوم لأحصي مع أبي فلان وفلان وفلان، حكماء الضيعة السعيدي الذكر ...
Bog aan la aqoon