16
تحت البانة
17
يتحدثون ويتغامزون، تارة يقضمون الضحكة قضما، وأحيانا يقطونها قطا. وبدا الاضطراب على وجه الخوري تيموتاوس فكان يتئد في مشيته صوبهم لعله يسترق شيئا من حديثهم، الخوري يخاف لسان أحدهم زكريا، وزكريا هذا شاب فات الثلاثين، طويل القامة نحيلها، مبيض البشرة مصفرها، تبتل
18
في الخامسة والعشرين، ولبس الغنباز الأسود المخطط، وشك الدواة في زناره كشدايقة ذلك العصر، وأطلق للحيته الشقراء سبيلها، ولكنه كان يأخذ منها فلا تطول، عبث رفقاؤه بقصيرته أولا، ولكنه صبر عليهم فغلبهم.
الشدياق محمود الصفات، يغض طرفه إن بدت له جارته، يحافظ على وصايا الله والكنيسة، لا يتخلف عن قداس، ولا يفوته زياح، هو وافه الكنيسة (القندلفت)
19
وشماس الخوري ليربح الأجر، لم يفطر يوم سبت منذ بلغ ورشد، ولم يأكل لحما ولا بيضا ولا لبنا يومي الأربعاء والجمعة، وفي الصوم يعاف الزيت أيضا، سيان عنده أجاز البطريرك ذلك أم لم يجزه فهو بطريرك نفسه. متعبد لمريم العذراء، إن سقط «ثوب السيدة» من رقبته لا ينام تلك الليلة نوما هادئا، ولولا تهكمه وعبثه بالناس ما شك أحد في قداسته؛ فهذا العبث بذوي العاهات خطيئة كبيرة تنزل إلى جهنم، والإنسان يلقى غيها فيعاقب نقدا لا صبرا، يخلق الله في ذريته عيوب من يستهزئ بهم.
كان زكريا يعبث دائما بصاحبه الخوري تيموتاوس فهو بطل مهازله، يناديه ببليق حتى بعد الكهنوت فيجن الخوري، ولكنه يخاف الوقوع في لسانه فيسكت على مضض، وزكريا لا يرحمه أبدا. يعرف أنه خراط يدعي البطولة ويموت فزعا إن وزوزت الدبانة، فيفتري عليه الأخبار والمغامرات العنيفة.
Bog aan la aqoon