153

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Noocyada

نظرت هذه العائلة عند بوابة دير يعد رهبانه فطور الميلاد، فاللحوم تعذب على النار، ورائحة قتارها تفتح لهى المكظوظين. أما عن الخمور المعتقة فلا تسل، فأصغرهن سنا تذكر حكم الأمير بشير، تتلألأ في الأباريق البلورية وقد اشتعل رأسها شيبا، والديوك تنقف أعناقها انتقاما من «جدها» ديك بطرس الجاحد، والفواكه تنقى وتصفف.

هناك بباب ذاك الدير سمعت هذه العائلة البائسة تطلب خبزا باسم من قال: وكنت جوعانا فأطعمتموني. ثم رأيتها تصرف خماص البطون، اشتهى الصبي ليمونة فمد إليها يده فانتزعت منه وفركت أذنه ...

وعند باب دير آخر سمعت الأم تطلب من الراهبة قميصا عتيقا لولدها المقرور، ولزوجها الحافي حذاء مرقعا، ولها فسطانا كيف كان، فردت الراهبة في وجهها الباب، ولولا لطف الله لهرس أصابع الصبي.

وعلى باب قصر سيدة مترفة لمحت الأم تعرض ولدها خادما باللقمة، ثم لا تستجاب طلبتها. وتؤتى تلك السيدة بجرو كلب فتشبعه ضما وشما وتقبيلا، ولا تستحي. تطعمه أشكالا وألوانا من الطعام والحلواء، «وابن الإنسان» ببابها يأكل بعينيه ما لا يشتهيه ابن الكلب، ثم لا يجاد عليه به.

وعن باب «قيصر» شاهدت صاحب إذنه يطردها ويدفعها إلى الشرطي، ليتهم سجنوها فاستراحت!

ورأيتها أمام بيت «قيافا» تضحك بملء فيها، كأن ما فيه من أصباغ وألوان وتماثيل أنساها بؤسها، ثم خشن الصبي الوديع وجذب ذيل أمه صارخا: أماه، لا نريد قوتا من هنا فخبزهم مر.

وفي نصف الليل مرت «العائلة» أمام باب الكنيسة، وبعد تردد دخلتها ...

ها هي بين المعيدين تحدق إلى المغارة مستغربة ... ولما خطر رئيس الكهنة بطيلسانه وتاجه وصولجانه، دهش الصبي وتزعزع. وتعالى الغناء: المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام. فقطب وعبس كأنما عاودته ذكرى قديمة، ولما خشخشت الفلوس، وتعالى صراخها على «الصينية» الفضية هتف الصبي: بيتي بيت الصلاة يدعى ... وهجم على الطبق، فضربه الشرطي وطرده؛ لأن السوط لم يكن معه فيعرفونه به، كما عرفناه عند كسر الخبز.

وبعد القداس صادفتها تطوف في المدينة، طلبت مأوى وقوتا فأعياها، واستجارت برواق الهيكل من الليل المطير فقلعوها، فتاهت في المدينة، وما انفكت سائرة حتى تجاوزتها نافضة غبارها عن أرجلها.

انتهت إلى قرية ما دخلها الملوك فأفسدوها، كان فقراء الضيعة ساهرين، على عادتهم، يهجسون بملكوت الله، يتذاكرون حكاية الميلاد في الماضي السحيق، فرحبوا بالعائلة البائسة ورثوا لحالها، أدخلوها بيتا قزما وأضرموا النار حتى تلاقت سماء البيت واللهب، ثم مدوا لضيوفهم سفرة من «حواضر» البيت القروي.

Bog aan la aqoon