138

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Noocyada

فكظم البيك، ودرى أن الحديث استحال استهزاء، فشاء أن يغير المجرى، فقلت: دعني أكمل، وأين جارك الذي مات أمس؟ وبيت ابن عمك الذي احترق منذ جمعة؟ والجسر الذي سقط البارحة؟ والقطار الذي حاد عن الخط أول من أمس؟ وحمارة جاركم التي ضربها «الملعون» فماتت مأسوفا على شبابها الغض؟ كل هذه البلايا والمصائب سببها الاستقلال، أليس كذلك؟

فنهض البيك عن كرسيه، والامتعاضة ملء وجهه المتجعد، ترك طربوشه على الطاولة عربون العودة، وبقيت وحدي أفكر في هؤلاء الناس الذين يقيسون الدنيا بمقياس غضبهم ورضاهم. وفيما أنا أتبحر بقول الشاعر:

إن نصف الناس أعداء لمن

ولي الأحكام، هذا إن عدل

تذكرت المثل السائر: فلان يحكي أكثر من قاض معزول.

لم يخرجني من منطقة تفكيري إلا صوت صبي من باعة الصحف ينادي: معنا جريدة الوطن، تعيينات جديدة. ثم أقبل علي وبسط العدد أمامي قائلا: اقرأ، اسمك فيها، لعلك تعطيني البشارة إن شاء الله.

فعبست وقلت للفتى: ومن قال لك إنني طالب وظيفة؟

فقال الولد: مالك غضبان؟ قلت ربما، أتهمتك بسرقة حتى غضبت كل هذا الغضب؟

فضحكت وقلت: طيب، خل لي العدد.

وبعدما قبض ثمنه شاء أن يدلني على اسمي طمعا بالبشارة، وما كان أشد دهشتي حين قرأت:

Bog aan la aqoon