وعند الدقة الثالثة أطبق «شحيمته»
11
ودخل الكنيسة، ثم عاد وهو يقلب صفحات كتاب كرشوني
12
لماعة مبقعة تزلق عنها الأصبع لكثرة ما تداولتها الأيدي ونقطت بالشمع، أكل الدهر حبر ذلك الكتاب الخطي كما قرض الحبر الكثير الزاج بعض صفحاته فبدت كأنها مخرمة. ولما وقع الخوري على الفصل الموافق لخطة في رأسه طوى زاوية الورقة وأطبق الكتاب، ومشى إلى الجرن الموضوع حد زاوية الكنيسة، ثم استوى فيه فصار كأنه فوق منبر.
واستدارت حلقة أبناء الأخوية في تلك الشميسة، هؤلاء على حجارة، وأولئك على جذع السنديانة الدهرية، وبعض الصغار في جوف الجذع يتوشوشون، فزأرهم الخوري فخرسوا.
أما النساء فقعدن ناحية، على صفة في ظل جدار الكنيسة المنخورة حجارته العتيقة، تتوسطهن الخورية والشيخة.
شخصت أبصارهم جميعا إلى الخوري منتظرين ما يقرأ، ثم ما يشرح ويفسر ويعلق من حواشي، كانت تعجبهم تعليقاته على هامش الموضوع أكثر من الكلام المكتوب المعاد، فالخوري - على جفاء شكله - خفيف الروح، مرح، غير زميت،
13
طيب القلب، إذا راودته النكتة في أقدس الساعات لا يصدها.
Bog aan la aqoon