هذه الآية تشير إلى اللقاء الذي وقع بين المسلمين وبين المشركين يوم بدر، وفيها ثناء من الله - تعالى - على أهل بدر بخلوص نياتهم في الجهاد يوم بدر وأنهم ما قاتلوا يومذاك حمية ولا شجاعة ولا لترى أمكانهم، وإنما قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى فأيدهم الله بنصره وأكرم بها من منقبة وأكرم به من موقف عظيم يذكرون به في الدنيا والآخرة وجدير بهذا الموقف العظيم أنه موضع للتفكر والاتعاظ والاعتبار لمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة.
قال العلامة ابن جرير الطبري ﵀ عند قوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ الآية: "يعني بذلك - جل ثناؤه - قل يا محمد للذين كفروا من اليهود الذين بين ظهراني بلدك قد كان لكم آية يعني علامة ودلالة على صدق ما أقول إنكم ستغلبون ... والفئة الجماعة من الناس التقتا للحرب وإحدى الفئتين، رسول الله ﷺ ومن كان معه ممن شهدوا وقعة بدر والأخرى مشركو قريش ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: جماعة تقاتل في طاعة الله وعلى دينه وهم رسول الله وأصحابه ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ وهم مشركو قريش.
قال عبد الله بن عباس ﵄ في قوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال: أصحاب رسول الله ﷺ ببدر ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ فئة قريش الكفار.
وقال عكرمة في قوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: قال: محمد ﷺ وأصحابه ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ قال: قريش يوم بدر.
وقال مجاهد: ذلك يوم بدر التقى المسلمون والكفار"١.
ومن خلال أقوال أئمة التفسير تبين أن الآية اشتملت على المدح والثناء على الفئة المؤمنة من البدريين، كما أنها أيضًا تضمنت التهديد لليهود الذين كانوا