Aqbat Wa Muslimun
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Noocyada
مذهبه الخاص بطبيعتي المسيح الإلهية والبشرية «وهو المذهب الذي ينتمي إليه الأقباط الأرثوذكس حاليا» - وكانت هذه المسألة الشائكة تثير النقاش والجدل في العالم المسيحي - بادر الأكليروس المصري إلى تفنيد مزاعمه، ولم يكن هناك ما ينذر بأحداث جسيمة، ولكن شاء القدر أن يعلن «فلافيان»
Flavient
بطريرك القسطنطينية بصفة رسمية قرار حرمان صاحب المذهب الجديد، مما جعل ديوسقور يستنكر على زميله حقه في إدانة أحد أعضاء الكنيسة علنا؛ لأن في هذا العمل إعلاء لمقام بطريرك القسطنطينية على بطريرك الإسكندرية، ولما كان فلافيان قد أدان علنا الراهب أوتيشيس، انضم ديوسقور رسميا إلى رأي الراهب.
وضع بطريرك الإسكندرية أكليروس مصر في مركز حرج، بمنطوق حكمه المتأخر المفاجئ؛ ذلك لأن الأساقفة المصريين أدانوا أوتيشيس دون أن يبدي البطريرك - وهو صاحب الرأي الأخير - أية معارضة، فكيف يستطيعون بعد ذلك أن ينقضوا حكمهم دون أن يعرضوا أنفسهم للسخرية، وبينما كان الأساقفة حائرين مترددين أمام هذا الموقف الشاذ؛ إذ يأمرهم ديوسقور أن يتضافروا معه ويؤيدوه في موقفه، ولم يكن في استطاعة الأساقفة إلا الإذعان لأمر رئيسهم، ولما ناقشهم مجمع كالسيدونيا، صاحوا جميعا قائلين: «ألم يقرر مجمع نيقيا أن تتبع مصر كلها بطريرك الإسكندرية، وألا يتصرف الأساقفة في أي موضوع دون الرجوع إليه؟» ولما أمرهم المجمع بأن يدينوا لرئيسهم، أجابوا بتململ: «إذا فعلنا ذلك لن نستطيع أن نقيم في البلاد؛ لأن سكانها سيقتلوننا، وإذا أردتم أن تحرمونا من أبروشياتنا، فاحرمونا؛ إنا فيها زاهدون وكل ما نريده هو ألا نموت.».
أما الشعب المصري، فلم يتردد لحظة واحدة في مناصرة بطريركه لاعتقاده بأن جرأة رئيسه الديني قد حققت أمانيه الغالية المنشودة، فلما حكم مجمع كالسيدونيا على ديوسقور وأمر بنفيه، رفض الشعب، متضامنا مع الرهبان، الاعتراف بسلطة البطريرك الذي أمر إمبراطور القسطنطينية بتنصيبه، وهكذا ظهر الانشقاق، وأصبحت الشقة بعيدة الغور بعد أن حاز مذهب الطبيعة الواحدة - أي: مذهب الراهب أوتيشيس - أغلب الأصوات، فقد بلغ عدد المنشقين في مصر في القرن السابع الميلادي ستة ملايين شخص يقابلهم مائتا ألف فقط ممن يدينون بالطاعة للبطريرك الكاثوليكي؛ أي: لسلطة إمبراطور القسطنطينية.
أما المنشقون، فكانوا بطبيعة الحال سكان البلاد الأصليين، بينما كان أنصار الفريق الآخر من البيزنطيين وأهل الإسكندرية المصطبغين بالصبغة اليونانية أو الموظفين الأقباط الذين قضت عليهم مصلحتهم «بأن يتناولوا القربان المقدس من أيدي حاكمهم الملحد».
ومن العبث أن نحاول إيضاح مذهب الطبيعة الواحدة؛ لأن المصريين من جانبهم لم يهتموا بصاحب المذهب أو بتعاليمه، وكان هدفهم الأساسي يرمي إلى الانفصال عن بيزنطيا، وقد اعتبروا الانشقاق الديني أول مرحلة من مراحل الارتقاء إلى التحرر.
وكانت بيزنطيا في الباطن تعرف جيدا الغرض الذي كان يهدف إليه ديوسقور، كما لم تخف عليها الأسباب التي كان الشعب يتبعه من أجلها بحماس، لذلك حاول الإمبراطور أن يقنع البطريرك المصري بالعدول عن موقفه المتطرف والعودة إلى الوئام؛ إذ كان يحز في نفسه أن تصاب وحدة الإمبراطورية بتصدع بسبب نزاع لا يرتكز إلى حجج قوية.
استعان الإمبراطور بالقوة لإبقاء الانفصاليين تحت سلطة البطريرك الكاثوليكي، ولكنه حاول في هذه الأثناء جاهدا حل الخلاف بطريقة ترضي الطرفين المتنازعين، اقترح الإمبراطور «زينون» “Zenon”
حلا معروفا باسم «هينوتيك» «هينوتيك»
Bog aan la aqoon