Aqbat Wa Muslimun
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Noocyada
وهذه الضريبة التي ذكرت مرارا في القوائم المدونة على أوراق البردي كانت تفرض على الأرجح على رءوس الأغنام، كما فرضت فوق ذلك ضريبة على المروج أشارت إليها أوراق البردي دون أن تحدد طبيعتها؛ أما ضريبة الصيد، فهي ترجع أيضا إلى عهد ابن المدبر.
وقد ذكرت هذه الضرائب كلها باسم «الضرائب الهلالية»؛ لأنها كانت تجبى على حساب الشهر القمري، بعكس الخراج الذي كان يجبى على حساب السنة الشمسية، يضاف إلى هذه الضرائب ضريبة أخرى معروفة باسم «الصدقة» وقد أصبحت في هذا العهد حسنة قانونية إجبارية على شكل ضريبة يدفعها المسلمون غير المسيحيين على السواء، ورد ذلك في أوراق البردي.
وقد تطورت الرسوم المفروضة على بعض الخضراوات المزروعة وأصبحت ضريبة قائمة بذاتها، وفرضت السلطات بعد ذلك ضريبة على أشجار النخيل والكروم، وإلى جانب ذلك، قام السكان بدفع الجزء الأكبر من المصاريف الخاصة بتحسين الأراضي الزراعية، وكان الصناع هم أيضا يسهمون في هذا العمل، وعلى كل حال، فإن الضرائب شملت الصناعات على اختلاف أنواعها، غير أننا لم نعرف إلى أي حد رفعها ابن المدبر، وكل ما وصل إلى علمنا، أنه أعاد نظام الاحتكار وقرر رسوما على الإيصالات ولوازم المكاتب «ثمن الصحف» وغيرها.
63
ويعتبر ابن المدبر آخر من حكم في مصر لحساب حكومة بغداد، فقد تولى من بعده ابن طولون، الذي بادر إلى إلغاء الرسوم والضرائب الجديدة، التي فرضها ابن المدبر، وكان لها أسوأ أثر في البلاد.
تلك هي الإجراءات الثابتة التي اتخذها الولاة بالاتفاق مع الخلفاء لزيادة دخل بيت المال، نضيف إليها المظالم، التي وقع الأقباط تحت طائلتها، وفي بعض الأحيان المسلمون، وذلك إثباتا لشهوة الولاة الذين حكموا مصر لمدد قصيرة فأرادوا ألا يغادروها دون أن يغتنموا، مهما كان الثمن، ويقول المستشرق «مارسيل» في هذا الصدد: «ولما كان الوالي على يقين من أنه سيقال من منصبه ليحل وال آخر محله، فقد كان يعتني بما يجلب الفائدة إليه دون البلاد، وكان همه الوحيد أن يثري إبان ولايته القصيرة المدى وبأية وسيلة، حتى يعوض الخسارة التي تنتج عن إقالته، لذلك كان كل وال يزيد الضرائب التي يفرضها سلفه.».
64 (3-5) جشع أم تعصب؟
نعتقد شخصيا أن العامل الديني لم يكن إلا وسيلة تذرع بها الولاة لينالوا الثروة، ولا شك أن العقيدة الدينية، أو بعض الأسباب الأخرى، حملت بعض الولاة على سلوك مسلك آخر، ولكن لا يجوز أن نستند إلى سياسة الولاة وإجراءاتهم في مصر، لنقرر إذا كانوا يعملون بدافع التسامح أو بدافع التعصب.
وعندما نتكلم عن الحالات الشاذة، نقصد خاصة عبد العزيز بن مروان الذي ولي شئون مصر عشرين سنة متتالية، وعلى الرغم من أن المؤرخين النصارى لم يغتفروا له الضريبة التي فرضها على الرهبان، فإنه كان حاكما عادلا طيبا، ويقول أحد الأساقفة الأقباط: إن عبد العزيز كان يدعو إليه من وقت إلى آخر يوحنا رئيس الأساقفة لما بينهما من أواصر المودة والمحبة، وكان الوالي يبالغ في تكريم البطريرك إسحق ويحميه من الوشاة الحاقدين،
65
Bog aan la aqoon