Aqbat Wa Muslimun
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Noocyada
وحاول ابن النقاش أن يواسي الذين قد يضطرون إلى الاستغناء عن مستخدميهم النصارى تنفيذا لما جاء في القرآن وأمر السلطان، فيقول لهم: «إن النصارى يجهلون مبادئ الحساب بل يجهلون مبادئه الأولية؛ لأنهم يضعون ثلاث وحدات في واحدة، ووحدة في ثلاث وحدات.» «ويلمح ابن النقاش هنا إلى مبادئ النصارى الدينية».
5
إن تفسير القرآن مهمة صعبة ودقيقة، فقد علق بعض فقهاء الإسلام على الآيات القرآنية بوجوب إبعاد أهل الذمة من المناصب الرسمية مع أن القرآن لم يذكر ذلك بصريح العبارة، ولكن ألم يكن الفقهاء مستشاري الحكومات الإسلامية؟ (4) القيود الخارجية المفروضة على أهل الذمة
توسع أشهر الفقهاء في تفسير بعض شروط عمر، فتحدث قاضي بغداد أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، الذي عاصر الخليفة هارون الرشيد، في «كتاب الخراج»
6
عن القيود المفروضة على أزياء أهل الذمة، تلك القيود التي سنعود إلى ذكرها أثناء حديثنا، قال أبو يوسف إلى الخليفة: «ينبغي أن تختم رقابهم في وقت جباية جزية رءوسهم حتى يفرغ من عرضهم ثم تكسر الخواتيم كما فعل بهم عثمان بن حنيف أن سألوا كسرها، وأن يتقدم في ألا يترك أحد منهم يتشبه بالمسلمين في لباسه ولا في مركبه ولا في هيئته، ويؤخذوا بأن يجعلوا في أوساطهم الزنارات مثل الخيط الغليظ يعقده في وسطه كل واحد منهم، وبأن تكون قلانسهم مضربة، وأن يتخذوا على سروجهم في موضع القرابيس مثل الرمانة من خشب وبأن يجعلوا شراك نعالهم مثنية، ولا يحذوا على حذو المسلمين، وتمنع نساؤهم من ركوب الرحائل، ويمنعون من أن يحدثوا بناء بيعة أو كنيسة في المدينة إلا ما كانوا صولحوا عليه وصاروا ذمة وهي بيعة لهم أو كنيسة، فما كان كذلك تركت لهم ولم تهدم وكذلك بيوت النيران، ويتركون يسكنون في أمصار المسلمين وأمصارهم وأسواقهم يبيعون ويشترون ولا يبيعون خمرا ولا خنزيرا، ولا يظهرون الصلبان في الأمصار ولتكن قلانسهم مضربة،
7
فمر عمالك أن يأخذوا أهل الذمة بهذا الزي، هكذا كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أمر عماله بأن يأخذوا أهل الذمة بهذا الزي، وقال: حتى يعرف زيهم من زي المسلمين.».
وقال أبو يوسف أيضا: «حدثني عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل له، أما بعد، فلا تدعن صليبا ظاهرا إلا كسر ومحق، ولا يركبن يهودي ولا نصراني على سرج وليركب على إكاف، ولا يركبن امرأة من نسائهم على رحالة وليكن ركوبها على إكاف، وتقدم في ذلك تقدما بليغا وامنع من قبلك فلا يلبس نصراني قباء ولا أثوب خز ولا عصب، وقد ذكر لي أن كثيرا ممن قبلك من النصارى قد راجعوا لبسي العمائم وتركوا المناطق على أوساطهم، واتخذوا الجمام والوفر وتركوا التقصيص، ولعمري لئن كان يصنع ذلك فيما قبلك إن ذلك بك لضعف وعجز ومصانعة، وأنهم حين يراجعون ذلك ليعلموا ما أنت، فانظر كل شيء نهيت عنه، فاحسم عنه من فعله والسلام.».
وإن هذه الفقرة لتدل بوضوح على أن هذه القيود قد خرقت أحيانا بعد ظهورها، وترجع أسباب هذه المخالفات أكثر ما ترجع إلى اعتبارات مالية وسياسية، وسنتحقق من ذلك بوضوح عندما نتكلم عن عهد الولاة.
Bog aan la aqoon