سيزيد في إيمانهم، ويزيل جهلهم، الأمر الذي يدفعهم إلى تصحيح وضعهم بأنفسهم، وهذا ما أخبر عنه النبي ﷺ بقوله: «سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ..» وهذا ما كان.
المطلب العاشر: التدرج لا يبيح حرامًا، ولا يسقط واجبًا
إن تقرير قضية التدرج في منهج الدعوة؛ لا يعني: إسقاط الواجبات، أو إباحة المحرمات.
فالواجب واجب إلى قيام الساعة، والمحرم محرم إلى قيام الساعة.
فإن قيل: فكيف يرى الحرام ولا ينكره؟ .. قيل: يجوز أن يسكت عنه سكوتًا مؤقتًا إذا كان يعالج ماهو أكبر منه، أو يمهد لإنكاره، وإلا فكيف كان يسكت رسول الله ﷺ عما كان يعلم وجوب تغييره؟ ! كما سبق ذكره في بعض الأمثلة.
بهذا يتضح أنّ التدرج: هو منهج دعوي، يخص الداعية، لينقل المدعوين من حال إلى حال، لا أن يبيح لهم ما حرم الله، أو يسقط عنهم ما أوجب الله. ويتضح هذا في صورتين:
الأولى: صورة من كان مسلمًا، ويعيش بين المسلمين والعلماء، قد عرف التوحيد والشرك، والحلال والحرام، فهذا ليس له في التدرج شأن ولا شيء.
الثانية: صورة من كان يريد الإسلام، أو هو حديث عهد بجاهلية، لا يعرف توحيدًا ولا شركًا، ولا حلالًا ولا حرامًا، فهذا الذي شرع في حقه التدرج، ولا يحاسب إلا على ما بلغه، وأقيمت الحجة عليه فيه.