***
ويروى أن الله تعالى أوحى إلى الكعبة عند بنائها، وظهور صفائها، وبهائها، إني خالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضته، ويدفون إليك دفيف (1) النسر إلى فرخه، يعني: ويؤوبون إليك رجوع الطفل إلى حجر أمه، كما يشير إليه قوله تعالى: {أم القرى} (2)، فإنها تؤم للقرى.
قال العز بن جماعة: غلب علي الشوق إلى الحج والزيارة والمجاورة بمكة، والإقامة هنالك، وعزمت على ذلك وأنا في منصب القضاء بمصر، فأشار علي بعض أحباء لي بعدم السفر، شفقة منه ومخافة علي ممن يخشى أذاه بمكة المشرفة إلي، فأنشدت لبعضهم:
قالوا توق رجال الحي إن لم/عينا عليك إذا ما نمت لم تنم
إن كان سفك دمي أقصى مرادهم/فما غلت نظرة منهم بسفك دمي
والله لو علمت نفسي بمن هديت/ سارت على رأسها فضلا عن القدم
Bogga 15