فقال الرشيد: أجدت يا بهلول فغيره، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، من رزقه الله جمالا ومالا، فعف في جماله، وواسى في ***
ماله، كتب في ديوان الأبرار. فظن الرشيد أنه عرض بذلك يريد شيئا، فقال: قد أمرنا بقضاء دينك يا بهلول، فقال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، لا تقضي دينا بدين، اردد الحق إلى أهله، واقض دين نفسك من نفسك. قال: إنا قد أمرنا أن يجرى عليك. قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، لا يعطيك الله وينساني، فقد أجرى علي الذي أجرى عليك، لا حاجة لي بجرايتك.
ويروى أن الرشيد حج ماشيا من المدينة إلى مكة الأمينة، ففرش له في الطريق اللبود والمرعزى (1)، فاستند يوما إلى ميل ليستريح وقد تعب، فإذا هو بسعدان المجنون (2) عارضه وهو يقول:
هب الدنيا تواتيكا ...أليس الموت يأتيكا
فما تصنع بالدنيا ......وظل الميل يكفيكا
ألا يا طالب الدنيا ...دع الدنيا لشانيكا
كما أضحكك الدهر ...كذاك الدهر يبكيكا
فشهق الرشيد شهقة خر مغشيا عليه.
Bogga 29