وقد قيلت فى الجملة أوائل المقاييس كيف هى، وعلى أى نحو ينبغى أن تكتسب. لكن لا نقصد إلى كل ما يقال ولا إلى أشياء واحدة فى الإيجاب والسلب، ولا فى الإيجاب على الكلى أو على الجزئى، وفى السلب عن الكل أو عن الجزء؛ ولكن لكى نقصد إلى أشياء قليلة محدودة. وينبغى أن نختار فى كل واحد من الأشياء المطلوبة مقدمات خاصة مثلما إن كان المطلوب خيرا أو علما، فإن أكثر المقدمات فى كل صناعة خاصة لتلك الصناعة؛ ولذلك يحتاج فى معرفة أوائل كل شىء إلى التجربة كما يحتاج فى علم النجوم إلى التجربة بأمور النجوم، لأنه لما علمت الظاهرات علما كافيا حينئذ وجدت البراهين النجومية. وكذلك يعرض فى كل صناعة وكل علم. فإذن إن أخذت الأشياء الموجودة فى كل مطلوب، فإنه لنا أن تظهر البراهين حينئذ بسهولة، لأنه إن لم يتخلف شىء فى الخبر من الموجود فى الأشياء بالحقيقة، فإنا نقول إننا نجد برهان كل ماله برهان، وما ليس له برهان يتبين ذلك فيه.
فقد قيل فى الجملة كيف ينبغى أن تختار المقدمات. أما بالاستقصاء فقد خبرنا بذلك فى كتاب «الجدل».
[chapter 31: I 31] 〈القسمة〉
Bogga 200