258

Ansab al-asraf

أنساب الأشراف

Baare

سهيل زكار ورياض الزركلي

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

فَقَالَ: أَوْ ما معك أحد؟ قلت: لا والله. فقال: ما لك مترك. وأخذ بخطام البعير وانطلق معي يقودني. فو الله مَا رَأَيْت أَكْرَمَ مُصَاحَبَةً مِنْهُ: كُنْتُ أَبْلُغُ الْمَنْزِلَ، فَيُنِيخُ جَمَلِي ثُمَّ يَسْتَأْخِرُ عَنِّي. فَإِذَا نزلتُ، حَطَّ عَنْ بَعِيرِي، وَقَيَّدَهُ، ثُمَّ أَتَى شجرة فاضطجع تحتها. فإذا دنا الرَّوَاحَ، قَدِمَ الْبَعِيرُ فَرَحَّلَهُ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ وقَالَ: اركبي. فإذا استويتُ عَلَى البعير، قادني. فلم يزل يصنع ذَلِكَ بي حتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ. فَلَمَّا رَأَى قَرْيَةَ بَنِي عَمْرو بْن عَوْفٍ بِقُبَاءٍ، قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّه. ثُمَّ انصرف راجعًا إلى مكَّة. [هجرة الرسول ص الى المدينة] ٦٠٠- وقدم المدينة بعد أَبِي سَلَمة، عامر بْن ربيعة العنزي، وبلال، وسعد، وعمر، وعمار. وخرج النَّاس مهاجرين متتابعين. فلم يبق منهم إلا من حبسته قريش. ولم يبق بمكة من بني أسد بْن خزيمة أحد، حتَّى أغلقوا أبوابهم. وأغلقت أبواب بني البُكير- وغير الكلبي يَقُولُ: بني أَبِي البكير- وأبواب بني مظعون. فمرّ عتبة بْن ربيعة بدور بني جَحْش، فإذا أبوابها تخفق وليس فيها أحد. فتمثل قول الشَّاعِر [١]: وكل دار وإن طالت سلامتها ... يومًا ستلحقها النكراءُ والحوبُ وبقي رَسُول اللَّه ﷺ وعليّ، وأبو بَكْر رَضِي اللَّه تَعَالى عَنْهُمَا، ليس معهم غيرهم. وأراد أَبُو بَكْر الهجرة. فسأله رَسُول اللَّه ﷺ أن يحبس نفسه عَلَيْهِ. وكان قَدْ علف راحلتين لَهُ ورق السمُر أربعة أشهر. فلما أُذِنَ لرسول اللَّه ﷺ فِي الهجرة، أتى أبا بَكْر، فأعلمه الهجرة. فأعطاه إحدى تينك الراحلتين، وهي ناقة رَسُول اللَّه ﷺ القصواء، من نعم بني قشير، فلم تزل عنده، وماتت في أيام أَبِي بَكْر رَضِي اللَّه تَعَالى عَنْهُ، وكانت مرسلة ترعى بالبقيع لا تهاج. وَيُقَالُ بنقيع [٢] الخيل. ٦٠١- قَالُوا: تناظرت قريش فِي أَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ حين هاجر أصحابه. فَقَالَ أَبُو البَختري العاص بْن هاشم: نخرجه فنغيب عنا وجهه ليصلح ذات بينها. وقَالَ آخر: بل يُقيد ويحبس حتَّى يهلكه، ثم فرق [٣] رأيهم على أن

[١] ابن هشام، ص ٣١٦، السهيلي ١/ ٢٨٥ وعزاه إلى أبى داود الإيادى. [٢] خ: ببقيع. [٣] أى استبان واتضح.

1 / 259