من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا وَكَذَلِكَ ترك الْفَوَاحِش يزكو بِهِ الْقلب وَكَذَلِكَ ترك الْمعاصِي فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَة الاخلاط الرَّديئَة فِي الْبدن وَمثل الدغل فِي الزَّرْع فَإِذا استفرغ الْبدن من الاخلاط الرَّديئَة كاستخراج الدَّم الزَّائِد تخلصت الْقُوَّة الطبيعية واستراحت فينمو الْبدن وَكَذَلِكَ الْقلب إذاتاب من الذُّنُوب كَانَ استفراغا من تخليطاته حَيْثُ خلط عملا صَالحا وَآخر شَيْئا فَإِذا تَابَ من الذُّنُوب تخلصت قُوَّة الْقلب وإراداته للأعمال الصَّالِحَة واستراح الْقلب من تِلْكَ الْحَوَادِث الْفَاسِدَة الَّتِي كَانَت فِيهِ فزكاة الْقلب بِحَيْثُ يَنْمُو ويكمل قَالَ تَعَالَى النُّور وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكى مِنْكُم من أحد ابدا وَقَالَ تَعَالَى النُّور وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم وَقَالَ النُّور قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم ذَلِك أزكى لَهُم إِن الله خَبِير بِمَا ينصعون وَقَالَ تَعَالَى الاعلى قد افلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى وَقَالَ تَعَالَى الشَّمْس قد أَفْلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها وَقَالَ تَعَالَى عبس وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى وَقَالَ تَعَالَى النازعات فَقل هَل لَك إِلَى أَن تزكّى وأهديك إِلَى رَبك فتخشى فالتزكية وَإِن كَانَ أَصْلهَا النَّمَاء وَالْبركَة وَزِيَادَة الْخَيْر فَإِنَّمَا تحصل بِإِزَالَة الشَّرّ فَلهَذَا صَار التزكي يجمع هَذَا وَهَذَا وَقَالَ فصلت وويل للْمُشْرِكين الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة وَهِي التَّوْحِيد وَالْإِيمَان الَّذِي بِهِ يزكو الْقلب فَإِنَّهُ يتَضَمَّن نفي إلهية مَا سوى الْحق من الْقلب وَإِثْبَات إليهة الْحق فِي الْقلب وَهُوَ حَقِيقَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَهَذَا أصل مَا تزكو بِهِ الْقُلُوب والتزكية جعل الشَّيْء زكيا إِمَّا فِي ذَاته وَإِمَّا فِي الإعتقاد وَالْخَبَر كَمَا يُقَال عدلته إِذا جعلته عدلا فِي نَفسه أَو فِي اعْتِقَاد النَّاس قَالَ تَعَالَى النَّجْم فَلَا تزكوا أَنفسكُم أَي تخبروا بزكاتها وَهَذَا غير قَوْله الشَّمْس قد افلح من زكاها وَلِهَذَا قَالَ النَّجْم هُوَ أعلم بِمن اتَّقى وَكَانَ اسْم زَيْنَب برة فَقيل تزكّى نَفسهَا فسماها رَسُول الله ﷺ زَيْنَب وَأما قَوْله النِّسَاء ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم بل الله يُزكي من يَشَاء أَي يَجعله زاكيا ويخبر بِزَكَاتِهِ كَمَا يزكّى الْمُزَكي الشُّهُود بعدلهم وَالْعدْل هُوَ الِاعْتِدَال والاعتدال هُوَ صَلَاح الْقلب كَمَا أَن الظُّلم فَسَاده وَلِهَذَا جَمِيع الذُّنُوب يكون الرجل فِيهَا ظَالِما لنَفسِهِ وَالظُّلم خلاف الْعدْل فَلم
1 / 6