Amiira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Noocyada
وفي الحالة الثانية، عليها تقبل نزع عبد الوهاب ابنها لتدفع به إلى المرضعات ليربى في الخفاء بعيدا عن كل العيون حتى عينيها هي أمه.
وحين استراحت قليلا إلى تلك الفكرة التي أعياها البحث عنها طويلا، تنفست شهيق الراحة بعد طول عناء، ذاكرة لنفسها أن عليها تقبل الرضاء بما حدث، فما الذي ينبغي فعله وقد وقع المكتوب بالأسلوب العاتي المشحون بكل روائح الغدر والجبن والخيانة من جانب ذلك المأزق؛ ابن عمها الحارث: ماذا أفعل؟
لا مهرب لذات الهمة سوى تقبل ما حل عليها من مصاب، ليضاعف ما بها من أعباء جسام تهد أعتى الجبال هدا؛ أن تجد نفسها يوما - ووسط أجيج تلك الحرب المستعرة الجرارة الضاربة - طريحة الفراش حاملا تعاني من ذلك آلام ولادتها على مدى تسعة شهور، كمثل تسعة قرون بتمامها، وحتى عندما يقدر لها وضع مولودها الأول عبد الوهاب مثل كل النساء لا تقدر على إشهاره وحمايته بين صدرها وجوارحها ككل الأمهات.
ومن هنا، فلا مهرب ومرفأ آمنا سوى تقبل هذا الحل الأقرب، وهو أن ينزع طفلها الأول من بين ذراعيها وصدرها ليربى في الخفاء كمثل اليتيم.
وربما كان ذلك الخفاء البعيد هو سهول الحجاز أو نجد أو فلسطين، ودون أن يقدر لها رؤيته ومشاهدة نموه حين يحبو وحين ينطق أولى كلماته ورغباته: ماما.
وحين ألقت ذات الهمة نظرة حانية عابرة على وجه الغلام، عادت فتنفست زافرة عن راحة، متذكرة ما عانته أمهات مثلها قبل.
تذكرت أم النبي موسى حين ألقت وحيدها في أعماق اليم، وتذكرت أم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
آمنة بنت وهب حين دفعت بوليدها إلى مرضعته حليمة، وتذكرت أم عنترة العبسي، وأم الهلالي أبي زيد، وأم إبراهيم الخليل وغيرهن.
وحين أشارت ذات الهمة إلى مربيتها الرباب اقتربت منها على استحياء، وجاهدت في الحديث إليها همسا وصوتها لا يخلو من مرارة، وهي التي لم تعتد الهمس أبدا من قبل، وخصوصا مع جاريتها ومربيتها الرباب: ماذا أفعل؟
Bog aan la aqoon