Amiira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Noocyada
مظلوم ابنة جميلة تسمت بفاطمة، إلا أنه على عادة العرب تلقى خبر مولدها كأنثى مكتئبا، حتى إنه لم يطق رؤيتها، بينما واصلت الأم رعايتها، فعهدت بها إلى جارية قابلة تدعى أم مرزوق، فكانت تحملها ليلة بعد ليلة سرا؛ لتدفع بها إلى صدر أمها لرضاعتها، وتعود بها إلى خبائها في الخفاء.
وفي العام السادس من عمر فاطمة، أغارت بعض قبائل اليمن بريادة بني طيء، على مضارب والدها وعمها ظالم ومظلوم، ووقعت فاطمة أسيرة لدى قبائل بني طيء، فتربت هي وجاريتها سعدى في مضاربهم إلى أن كبرت وشبت على رعاية الجمال والخيول عبر عواء المراعي.
وكانت فاطمة منذ صغرها تهيم بما يصلها من أخبار جدها الأمير الصحصاح فاتح القسطنطينية، فأولعت بالفروسية العربية متخلية عن كل ما يربطها بعالم البنات والنساء.
فتعلمت منذ الصغر أساليب الحرب من مدافعة وممانعة، وكشفت شخصيتها عن الكثير من العجب والانبهار لكل من شاهدها أو سمع بها، حتى إنها أصبحت محط أنظار الشباب والفرسان من أقرانها.
فتهافت عليها الخطاب وراغبو الزواج منها متكاثرين على بوابات مولاها الأمير «البجير»، الذي كان كلما عرض عليها الأمر رفضت بإباء، مدعية أنها لم تخلق للزواج وحياة الفراش، بل لها جلد الرجال.
حتى إذا ما واصل مولاها الضغط على فاطمة لقبول أحد راغبي الزواج منها من شباب العرب المرموقين ذوي السطوة بين القبائل، اضطرت إلى الفرار خفية من مرعاها، متخذة لنفسها ومع جاريتها مأوى معززا في الخلاء، واصلت منه السطو وفرض الجزية إلى أن عظم شأنها، وتضاعف نفوذها، فهجمت ذات ليلة مع أتباعها على قبيلة والدها وعمها ظالم، الذي نازلها فأوشكت أن تقضي عليه بسيفها، إلى أن تدخلت أمها مانعة كاشفة عن شخصيتها.
وانتهى الأمر بالتعرف عليها، وعودتها إلى حظيرة ودفء قبيلتها، فعرف الجميع أن فاطمة أو الدلهمة أو الداهية، أو داهية بني طيء، وهو اللقب الذي عرفت به بين القبائل، ما هي إلا فاطمة ابنة مظلوم.
وهكذا أقيمت الأفراح ابتهاجا بعودة «الدلهمة» إلى ربوع قبيلتها بعد طول الأسر والغياب، لكن حظ فاطمة أو الدلهمة لازمها من جديد حين وقع ابن عمها ظالم
حتى إذا ما تفرسها الحارث - ابن عمها ظالم - عن قرب، وبهره جمالها ونبل شمائلها وحديثها، أخذ منه العشق الدامي مداه؛ فطلب من والده الزواج منها وهي ابنة عمه، وواصل الشكوى والإلحاح لأمه «الجمانة» بطلب الزواج من فاطمة، مما اضطر الوالد إلى الانتقال إلى قبيلة أخيه مظلوم ومكاشفته بأمر الزواج.
وحين عرض والدها مظلوم الأمر عليها اشتد جنونها إلى حد التهديد بالعودة والفرار من جديد إلى البراري، بل إن فاطمة تعممت واتشحت بزي الرجال، وخرجت بنفسها إلى عمها ظالم وابنه الحارث، شارحة أمرها، معبرة بوضوح عن معالم شخصيتها، وكيف أنها ليست مجرد أنثى تصلح للبيت وتربية الأطفال والطهو، بقدر ما هي محاربة في عالم قوامه المفترس والفريسة، أو الغالب والمقهور: فاعلم أنني ما خلقت إلا للنزال، لا للفراش ولا للزواج، ولا يضاجعني سوى سيفي وعدة حربي ... وكحل غبار النجع مرادي.
Bog aan la aqoon