Amiira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Noocyada
وأغدق عليه الخليفة الهدايا والعطاء، وعقد عزمه على جنده، ورافقه في رحلات صيده وقنصه، وهو يعده عاقدا العزم على أن هذا الفارس الفتي «الصحصاح» هو المنوط به منازلة تحالف الأروام المتربصين، وملكهم المتآمر «برجيس».
حصار العرب لعاصمة الروم
وأعدت الجيوش والرجال ... وانطلق الصحصاح والأمير مسلمة ابن الخليفة عبد الملك بن مروان على رأس جيش جرار لمقاتلة الروم والبيزنطيين، وكان زاده شجاعة لا حد لها، وخبرة في الخرائط التي ترسم الجزر والثغور والمسالك البحرية الصعبة ... ولكن كان بانتظاره فخ نصبه الأعداء له.
لكن لم تفلح الحيلة المكيدة التي دبرها الأعداء للإيقاع بالأمير الصحصاح وهو الخبير العالم بخداع وتآمر أعدائه المنهزمين ... وكيف أن الحرب في عمومها خدعة.
لذا ما إن دوى صوته عاليا مكبرا حتى أحاطت كتيبة مدربة من جند المسلمين بالمغارة من كل جانب، مما أوقع الهلع في قلوب العساكر الرومية، فولوا الأدبار طلبا للهرب، بعد أن عملت فيهم سيوف الأميران الصحصاح ومسلمة، فتساقطت الرءوس الواحدة بعد الأخرى، وأولهم الرسول المتآمر، ومن قدر له بلوغ رأس المغارة تلقته سيوف الكتيبة التي سبق للصحصاح إعدادها ومراقبة ما يحدث خفية.
بل إن هذه الواقعة المكيدة ترسبت غائرة في أعماق ذات الصحصاح، مواصلة ترددها بين صفوف بقية كتائب العرب على طول الجزيرة، فدقت طبول الحرب والرحيل، وزحفت صفوف المسلمين إلى سطوح الكتائب والمراكب والعمائر الرابضة على طول السواحل؛ لتسد كل المنافذ على جند الأعداء.
وعلت الأصوات مكبرة ومعلنة: إلى القسطنطينية ... إلى القسطنطينية.
وعبر أمواج البحر الهادر، أعاد الأمير الصحصاح قسمه ووعده لأمير المؤمنين الخليفة الأموي. «والله لا أرجع إلى خليفة المسلمين حتى أفتح القسطنطينية وأبني فيها مسجدا للخلافة.»
ولازم الصحصاح أمير المؤمنين الخليفة عبد الملك بن مروان، لا يغيب عن صحبته ليل نهار، وهو يحكي له تفاصيل خططه الحربية التي لم تكن تخلو من الحيل والمكائد والكمائن التي تفرد بمعرفتها الصحصاح، ودون حياء، طالما أن الحرب هي من مجملها خدعة كبرى.
وكان الخليفة عبد الملك بن مروان كلما استعذب حديث الصحصاح، ومدى ما ركبه من صعاب للوصول إلى أهدافه العزيزة المنال، كلما طالبه بتدوين ملاحظاته وتوثيقها بالخرائط؛ لتحفظ في خزائن الدولة، ولتكون معينا لا ينضب عطاؤه لأجيال العرب من قادة وفاتحين، طالما أن الأروام لن يحدث ويستسلموا أبدا لما حل بهم من هزائم.
Bog aan la aqoon