فأرادت دنانير أن تداعبها فقالت: «وهل دلك قلبك على سفره؟ لقد قيل: من القلب إلى القلب دليل!»
فخجلت من هذا التلميح واحمر وجهها، ولم تكن تشعر بأن دنانير تعلم شيئا مما يكنه قلبها فقالت: «لماذا تقولين هذا يا خالة؟ إنني أسأل اهتماما بأمر مولاتنا بنت ولي العهد لعلمي بتعلقها به!»
فقالت دنانير وهي تبتسم: «بارك الله في مروءتك. وإذا علمت أنه سافر فهل يسوءك سفره إكراما لمولاتنا؟»
قالت وهي تظهر السذاجة وقلة الاكتراث: «هل سافر حقيقة؟»
قالت: «نعم سافر.» ثم تفرست في وجهها فرأت البغتة ظاهرة فيه وقد تحول احمرار الخجل إلى صفرة الوجل؛ فاستدركت بقولها: «ولكنه يعود قريبا؛ لأن قلبه لا يطاوعه على الفراق.»
فخافت ميمونة أن ينفضح أمرها إذا ظلت مع دنانير، فانصرفت تطلب غرفتها لتخلو إلى نفسها، فلقيها سلمان في الدهليز، فلما وقع نظرها عليه ابتدرته قائلة: «هل سافر بهزاد حقيقة؟»
قال: «نعم يا مولاتي.» قالت: «إلى أين؟»
قال: «إلى مرو في خراسان حيث مولانا المأمون.»
فقالت: «كيف سافر وتركنا؟» وغصت بريقها.
فقال: «تركنا جميعا إلا أنت، وهذا كتابه إليك.» قال ذلك ودفع إليها منديلا ملفوفا فتناولته، وعلمت من ملمسه أن في جوفه كتابا فأشرق محياها وخبأت المنديل في جيبها، وذهبت إلى غرفتها فاستوقفها سلمان قائلا: «هل تحتاجين إلى شيء آخر؟»
Bog aan la aqoon