Amin Khuli
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Noocyada
وفي هذا نجد سنة النشوء والارتقاء قائمة في اللغات أيضا، والتفسير التطوري للغة مفتاح من مفاتيحها، فالبيئة الطبيعية المادية التي تعيش فيها اللغة، والظروف النفسية والعقلية لمتكلميها، وأنماط الحياة التي يحيونها وتوارثها بين الأجيال ... كل هذا وغيره من عوامل يصعب حصرها، يؤثر في تطور اللغة، بل ويمكن القول إن ثمة صراعا بين اللغات نفسها، كما بين الأفراد والجماعات.
54
لكن هل البقاء هنا أيضا للأصلح؟ لم يبين الخولي، فقد عني فقط بإبراز أهمية فكرة التطور في اللغة من حيث هي لغة، حتى جاهر بأمله في أن ينتفع من درسه هذا المعنيون بالدراسات اللغوية غير العربية.
لا بد من التسليم بأن التطور سنة طبيعية خضعت لها العربية في كل شيء، أصواتها وحروفها وكلمها وجملها وأسلوبها وبيانها ... فلم تظهر العربية - كما يقول الخولي - خلقا سويا مستقلا، بل تغيرت وتحولت، إن لم نقل - عن رأيهم - تطورت - بمعنى التطور عندنا اليوم. ولم يكن هذا التغير في زمن قصير، بل في زمن هو تاريخ ترقي البشرية وتكملها إلى أن تهيأت للرسالة الختامية الموحدة للإنسانية؛ أي من آدم إلى بعث محمد عليه السلام، وهذا التغيير غير طليق ولا متحرر، بل مقيد في كل حال.
55
الخولي في هذا ينفي سائر التفسيرات الغيبية اللاهوتية اللاعقلانية، التي تزعم أن العربية - دونا عن سائر لغات العالمين - هبطت فجأة من السماء بالغة الكمال، لتظل هكذا إلى قيام الساعة، وأيضا إلى ما بعدها. فأكد الخولي أن اللغة العربية خضعت لسائر ما خضعت له اللغات البشرية، نافيا أي أصل إلهي لها. وفي هذا يستند إلى الآية الكريمة:
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم (سورة إبراهيم آية 4). فليست العربية فقط، بل ثمة لغات أخرى نزل بها كلام الله ووحيه. وجد الخولي في رفض ودحض كل الدعاوى الانفعالية العاطفية التي تزعم «فضل العربية ... وكمال العربية ... وانتهاء العربية إلى ما لا شيء بعده!»
56
أمثال هذه الدعاوى الهوجاء هي التي تقذف بنا خارج دورة الزمان وصيرورة التقدم، من حيث تبتر أصول التطور والارتقاء. (10) أسانيد تأصيلية
ونعود إلى الفكر الديني وتجديده على أسس تطورية، لنجد الخولي قد وصل في هذا إلى حد تعداد الأسانيد التي تدعمه، أو بتعبيره تحديد «أسس التطور في الإسلام».
Bog aan la aqoon