وأما وصفك لهم بالقلة، فالحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق، كما قال أمير المؤمنين، وسيد الوصيين في جوابه لما سأله سائل عن أهل الشام وكثرتهم فراجع ذلك في خطبته(1) إن كنت تعرف له مظانا، وقد مدح الله القلة في كتابه العزيز، وذم الكثرة، ودون في ذلك جواب للإمام الولي زيد بن علي (2) صلوات الله عليه على خالد بن صفوان (3) وقد أرسله هشام (4) وكتابه الذي صنفه واستخرجه من كتاب الله العزيز في مدح القلة وذم الكثرة. وقد بسط العلامة الغزالي (5) في هذا وأوسع في (المستقصي)، ولو كان العبرة بهذا لذهب الجهال المشبهين بالأنعام بالفضل على العلماء الأعلام إذ هم الأكثرون، وأيضا لكانت الكثرة الحجة لفرق الكفر المضلة على فرق الإسلام المقلة إذ هم الأكثرون عددا، والأعظمون محتشدا:
تعيرنا أنا قليل عديدنا .... فقلت لها إن الكرام قليل
مسألة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
قوله: بل يقال لمن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام: خالفت أهل البيت بل خالفت الأكثر...إلخ.
فأقول: هذه أم مسائله التي طمطم حولها ودندن وأراد حمل الناس عليها في السر والعلن، وزعم أن الحق فيها معه، ومن وافقه فيها، فهي الحاجة التي في نفس يعقوب، وكأنه نزلها منزلة أصول الشرائع التي يجب تبليغها إلى الخاص والعام، وأنه يختل بعدم فعلها نظام الإسلام، فأجابه إليها جماعة ممن لا يعرف القرآن ولا شيئا من الأحكام، بل ولا شرائط الإيمان، بل هم كما ذكرنا من العوام.
وكاثر سعدا إن سعدى كثيرة .... ولا ترج من سعدا وفاء ولا نصرا (1)
وقد سمحت فكرة المؤلف * بأبيات كالتعريض لهذا البيت وهي:
ولما جمعت الناس حولك حلقة ... وأوهمتهم سرا وأودعتهم أمرا
ودون الذي تبغي سيوف قواضب ... وشم رماح طال ما قصرت عمرا
فيا بعد ما تبغي من المنية التي ... تروم لقد أفنيت عمرك مفترا (2)
أتذكر ما أسلفت في الدولة التي ... نظرت إليها مغضبا نظرا شزرا
وماذا الذي قاسيت فيها من الردى ... وغربت عن أهليك في بلد قفرا
وما زلت تسعى خاذلا كل قائم ... بتلبيس أقوال تريد بها ذكرا
وما كنت تلقيه إلى الأسود الذي ... زعمت بأن الأمر في كفه أحرى
وهذا مقال منك طال استماعه ... تكني به جهرا وتعلنه سرا
فلا ترج سعدا ناصر بعد موته ... فسعدا طرا قد لايقوم بها طرا
وقائمنا المهدي بذا غير جاهل ... وكيف ترى يخفى الذي هو به أحرى سينزل في ساحاتك المكر والردى ... ويجزيك بالشر الذي تبتغي شرا
Bogga 16