وقد قيل فى اتصاله بما قبله وبما بعده أقوال رغبت عن ذكرها، لبعدها عن التأويل (١)، وأوجه ما قيل فيه أن موضع الكاف رفع خبر مبتدأ محذوف، وذلك أن النبىّ ﵌ لما رأى قلّة المؤمنين يوم بدر، وكراهتهم للقتال قال:

«من قتل منهم واحدا فله كذا، ومن أسر واحدا فله كذا» وقيل: إنه جعل للقاتل سلب المقتول، ليرغّبهم فى القتال، فلما فرغ من أهل بدر، قام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله إن نفّلت هؤلاء (٢) ما سمّيت لهم بقى [نفر (٣)] كثير من المسلمين بلا شيء، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ يصنع فيها ما يشاء، فسكتوا وفى أنفسهم من ذلك كراهية، فقال الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ أى اقبلوا ما أمركم الله ورسوله (٤) به فى الغنائم وغيرها، ثم قال: ﴿كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ والتقدير: كراهيتهم (٥) لما فعلت فى الغنائم كإخراجك من بيتك على كره منهم، ودلّ على ذلك قوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾.

وذات الإصاد: مكان (٦).

وقوله: «وردّوا دون غايته جوادى» كان قيس بن زهير خاطر حذيفة بن بدر الفزارىّ على فرسيه، داحسن والغبراء، وفرسى حذيفة الخطّار والحنفاء، فجاء

(١) يعنى الأقوال التى حكاها مكّى بن أبى طالب، وقد بسط ابن الشجرى الكلام على هذه الأقوال فى المجلس الحادى والثمانين. وقد جمع أبو حيان خمسة عشر قولا فى هذه المسألة، ولم يستحسن شيئا منها. انظر البحر ٤/ ٤٥٩ - ٤٦٣، والتبيان للعكبرى ص ٦١٦.

(٢) فى الأصل «بما» وأثبت ما فى هـ، ومثله فى المجلس الحادى والثمانين.

(٣) ليس فى هـ. وانظر المصنّف ٥/ ٢٣٩، والدر المنثور ٣/ ١٦٠. وفيهما: «سعد بن عبادة».

(٤) فى هـ: «أى اقبلوا ما أمركم الله ورسوله أى اقبلوا ما أمركم به فى الغنائم. . .».

(٥) هذا تقدير الفراء، كما فى معانى القرآن ١/ ٤٠٣، وقد حكاه ابن الشجرى بألفاظه فى المجلس الحادى والثمانين. ونسب أبو جعفر الطبرى هذا القول لبعض نحويّى الكوفة. انظر تفسيره ١٣/ ٣٩٢. وراجع الكشاف ٢/ ١٤٣، والموضع السابق من البحر.

(٦) فى ديار عبس وسط هضب القليب. وهضب القليب جبال صغار بنجد. معجم ياقوت ١/ ٢٩١، وانظر معجم ما استعجم ص ١٦١.