وطرق الباب، وكان الشيخ عبد الحميد يجلس دائما بجانب الباب، حتى يسارع بفتحه إن جاءه رسول يطلبه إلى عمل.
فتح عبد الحميد الباب أولا، ثم قال: من؟
وجاءه صوت نسائي: ندخل أولا، ثم أخبرك.
ولم تمهله نبوية، وإنما دفعته فاندفع، وأغلقت هي الباب، وأحكمت إغلاقه، ثم التفتت إليه. - ألم تعرفني؟ - العتب على النظر. - أليس عندك مصباح؟ - الكهرباء في البيت ومفتاح النور على يسار الداخل من الباب، ولكن ماذا أفعل أنا بالنور؟
وأضاءت نبوية المصباح وهي تقول: معك حق، اجلس؟ - قولي لي أولا من أنت؟ - أنا نبوية. - بسم الله الرحمن الرحيم، بنت الشيخ عبد الفتاح أبو إسماعيل. - أعفريت أنا يا شيخ قرد! - يا ليتني يا ستي كنت قردا على أقل كنت أراك. - النهاية. - خيرا؟ - أنت تعرف أن زردق كان عنده سلاح كثير. - كان، وأين ذهب السلاح؟ - ألم يفتشوا البيت بعد القبض عليه وأخذوا السلاح؟ - كله؟ - كله إلا ... - إلا ماذا؟ - إلا مسدس صغير تاه منهم. - وأين هذا المسدس؟ - انتظر، المسدس معي. خفت أن تأتوا للتفتيش مرة أخرى، ويتهموا أبي بأنه عنده سلاح فلن يصدقوا أنهم لم يروا المسدس في التفتيش الأول. - كلام معقول. - وأنت تعرف أن أبي لا يحب وجع الدماغ. - أعرف هذا جيدا، إنه يخاف من خياله. - جاءك خابط. - وماله. - المهم. - نعم، المهم ما شأني أنا بهذا الموضوع كله؟ - أنا أفكر أن أبيع المسدس بعد أن يتم طلاقي من المجرم زردق. - لك حق، أهو مسدس من نوع جيد؟ - سلاح رجل لا عمل له إلا القتل. - على رأيك، إنه يساوي على الأقل ثلاثمائة جنيه. - إن لم يكن أكثر. - فعلا إن لم يكن أكثر. - ولكن أنا ما شأني بهذا، أتريدينني أن أتمرن عليه؟
وقهقهت نبوية وهي تقول: من أجل هذا جئت لك. - لأنني أعمى تعنين؟ - من يفكر أن مثلك يملك مسدسا. - غير معقول. - وإذا ملكته ما فائدته لك؟
وصمت عبد الحميد هنيهة حتى صاحت به نبوية: ما فائدته لك؟ - لا فائدة طبعا. - خفت أن أعطيه لغيرك فيأخذه ولا يرده، فقلت: ليس لها إلا عبد الحميد. - الأعمى؟! - لا داعي لقولها. - أو قوليها فقد تعودت عليها. - ما رأيك في هذه الفكرة؟ - فكرة عظيمة فعلا، إنني لن أنتفع به في شيء، حتى ولو فكرت أبيعه سأجعل من نفسي مسخرة؛ من أين للأعمى بالمسدس، وتصبح أحدوثة بين الناس. - هاك المسدس. - هل به رصاص؟ - وماذا تنتظر، ولكن لماذا تسأل؟ - حتى لا ألعب به. - على كل حال أنت لا شأن لك به حتى أجيء إليك وآخذه منك. - وأنا ما الذي يجعلني أقترب من آلة لا أعرف عنها شيئا؟ - أقوم أنا إذن. تركتك بعافية. - مع السلامة يا أختي.
وخلا عبد الحميد بنفسه، أمعقول هذا الذي يحدث؟ سبحانه له في ذلك حكم.
في الندوة التي يشارك فيها عبد الحميد جرى الحديث عن أبي سريع، وقال سلامة: ابن الكلب يضحك على بلد بأكمله.
وقال صديقهم ورداني: اشترى بيتا فخما في مصر في عمارة بالغة العظمة.
Bog aan la aqoon