السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

Musa Shahin Lashin d. 1430 AH
54

السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين

Daabacaha

مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ

Goobta Daabacaadda

مجلة الأزهر

Noocyada

دفعه، والأمر بالغمس أمر إرشاد، كقولنا: إذا أعجبك الطعام فَكُلْ، أمر يَكِلُ للمأمور حريته واختياره، لا أمر إيجاب يأثم تاركه، إذْ لم يقل بذلك أحد. إنَّ محاربة الذباب أمر مُسَلَّمٌ وبدهي ومشروع، ولكن بعض الذباب - كما لا يخفى - يتحصَّنُ بالمُبِيدات ويتعوَّدُ عليها فلا يتأثَّرُ بها، وبعض الأماكن لا يصلح فيها رش المُبيدات، فهناك فقراء في خيام أو عِشش، ولاجئون في عراء، لا يضعون طعامًا أو شرابًا حتى يشاركهم فيه الذباب، والذباب من طبيعته العناد، كلما ذُبَّ وطُرِدَ عاد. فكان لا بُدَّ من تشريع لحالة قائمة. «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعَهُ»، ولم يتعرَّض الحديث للأكل أو الشرب من الإناء الذي وقع فيه الذباب، بل ترك الأمر للآكل والشارب، إنْ شاء ورغب وقَبِلَ أكل أو شرب، وإنْ شاء أراق ما في الإناء، وإنْ شاء أبقاه وانتفع به في غير أكل أو شرب، كل ما يفيده الحديث رفع الحظر، والحُكم للسائل الذي وقع فيه الذباب بالطهارة والحل. أما مسألة التقزُّز أو القبول فهذا أمر آخر، فقد تتقزَّزُ نفس من طعام هو أطيب عند نفس أخرى، وقد تقبل نفس على ما تنفر منه نفس أخرى، وهذا مشاهد وكثير في أطعمتنا وأشربتنا، وقد قرأنا أنَّ الضبَّ أُكل على مائدة رسول الله ﷺ فلم تقبله نفسُهُ، فقيل له: أحرام هو؟ قال: «لاَ وَلَكِنْ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي فَنَفْسِي تَعَافُهُ» (١). وأذكر أنني في عام ١٩٥٣ وفي إحدى مدن (نَجْد)

1 / 55