مِنْه ما اسْتَطَعْتُم وَمَا نهَيْتُكُم عَنْهُ فانْتَهوا" (^١) فقال: "الأمْرُ اْسْهَل مِن النهي".
وكذلك نقل علي بن سعيد فقال: ما أمر به النبي ﷺ هو لدي أسهل مما نهى عنه، فقد غلَّظ في النهي وسهل في الأمر، فظاهر هذا يمنع الوجوب، وأنه على الندب.
ووجه هذا القول أن هذه اللفظة ترد والمراد بها الوجوب وترد والمراد بها الندب، فيجب أن يحمل عليه، لأنه أقل ما يقتضيه الأمر، ولأن هذه اللفظة ترد والمراد بها الوجوب، بقرينة، فإذا عريت عن القرينة فلا تحمل على الوجوب.
والدلالة على أن إطلاقها يدل على الوجوب ما تقدم من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ (^٢)، فوجه الدلالة أنّه وبخه وعاتبه على مخالفة أمره المطلق، فدل على أن إطلاقه إقتضى الوجوب.
وأيضًا حديث بريرة، لما قال لها النبيُّ ﷺ "لو راجعتِيه فإِنَّه أبو وَلَدك" فقالت: أبأمرك يا رسول اللَّه؟ فقال لها: "إِنَّما أَنَا شافِعٌ" (^٣) والامر والشفاعة عندهم سواء، لأن كل واحد منهما يدل على الندب، فلو كانا سواء لما تبرأ من الأمر وتمسك بالشفاعة، وأيضًا فإن هذا القائل وافق على أن النهي على الوجوب، ومعناه على التحريم، والنهي يقتضي الكف عن الفعل، والأمر