وليس لك أن تقول ان معادلتك أصح من المعادلة التى قدمتها لك، ليس لك ذلك لأن المعادلة التى قدمتها لك تم الاعتماد فيها على ألفاظ واردة في أحاديث صحيحة (حيث أن ألفاظ أول النهار والظهر والعصر وآخر النهار كلها واردة فى الحديث وكذلك مدة الـ ٦٠٠ عام في البخارى عن سلمان)، أما المعادلة التى قدمتها أنت فاعتمدت فيها على نقل الحافظ ابن حجر الذى نقله هو الآخر عمن سمّاهم أهل النقل الذين اتفقوا على أن مدة أمتى اليهود والنصارى أكثر من ألفى عام، ومع كون هذه العبارة مطاطة وتحتمل احتمالات كثيرة جدًا. (١)
وقد قال د. القرضاوى - كما سيأتى تفصيلًا فيما بعد -:
(لا يقيم المحققون وزنًا لروايات " الإخباريين " ولا يعتمدون عليها ويعيبون من ينقل عنها فى الكتب المعتبرة...) .
وباختصار: بما انه ورد في صحيح البخاري أن مدة النصارى ٦٠٠ سنة، ومثّل لذلك بالمدة من الظهر إلى العصر، فى حين انه ﷺ مثّل لمدة المسلمين بالمدة من العصر إلى المغرب، إذًا فإن مدة المسلمين أقل من مدة النصارى لأن الوقت من العصر إلى المغرب أقل من الوقت من الظهر إلى العصر دائمًا. وهذا هو ما فهمه الحافظ ابن حجر أشار إليه فى الفتح حيث يتضح من كلامه رحمه الله تعالى انه قام باحتساب المدة بالطريقة التى قدمتها لك - كما سنبين بعد قليل - ثم أكد رفضه لاحتساب المدة بناءً على هذا الحديث كما سيأتى.
وحتى إننا لو أضفنا إلى هذه الحسابات مدة الـ ٥٠٠ سنة (التى هى = نصف يوم) فإن النتيجة ستكون خطأ أيضًا، لأن مدة الأمة ستكون أقل من ٦٠٠ سنة زائد ٥٠٠ سنة = أقل من ١١٠٠ سنة، ونحن الآن قد جاوزنا ١٤٠٠ سنة كما هو معلوم. ومن يدرى؟ .. ربما.. يطلع علينا من يخبرنا أن الأمة قد انتهت فعلا منذ عدة قرون معتمدًا على الطرق الرياضية، ثم بعد ذلك إما أن يقول:
١ - إننا الآن لسنا مسلمين لأن الأمة انتهت.
٢ - أو أننا الآن فى يوم القيامة وما يلاقيه الناس الآن هو العذاب والنعيم والجنة والنار!!!!!!!
ربما، ولا أستبعد أن يحدث ذلك فى زمن العجائب، فى زمن يطلع علينا فيه من ينكر نزول المسيح وظهور المهدى المنتظر، وفى ذات الوقت يظهر من يقول أن ذلك سيحدث عام كذا وكذا ...، والغريب أن كليهما يعنف تعنيفًا شديدًا ويوبخ من يعترض على كلامه بل ويستهزأ بالمعترض عليه!! والأغرب انهما يتكلمان فى بلدة واحدة، بل وفى حىّ واحد، بل وفى مسجدين متجاورين!!!
وما نقله المؤلف (أمين) عن الحافظ (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي ﷺ كانت أكثر من ألفى سنة) وأن مدة النصارى من ذلك ستمائة سنة أى أن مدة عمر اليهود تزيد عن ١٥٠٠ سنة يحتاج إلى تدقيق وتحقيق فقد كتب د. أحمد شلبى فى كتابه (اليهودية) أن خروج اليهود من مصر كان حوالى سنة ١٢١٣ ق. م، ويشير د. حسين شريف فى كتابه (المفهوم السياسى والإجتماعى لليهود عبر التاريخ) كان حوالى من عام ١٢٩٠ - ١٢٢٥ ق.م
وأما ما نقل عن سلمان الفارسى رضى الله عنه من أن الفترة ما بين عيسى ومحمد ﷺ ستمائة سنة، فإننا نقول هذا أيضًا يحتاج إلى تدقيق - مع تسليمنا بصحة السند إلى سلمان - فهل المدة ٦٠٠ سنة بالتمام أم انه قال ذلك على التقريب (٢)، فإن ميلاد النبى ﷺ كان فى عام ٥٧١ م (كما أشار إلى ذلك المباركفورى فى الرحيق المختوم)، وسيأتيك أيضًا فيما بعد قول د. القرضاوى: " مما ينبغى أن يحذر منه قارئ التفسير الأقوال الضعيفة بل الفاسدة فى بعض الأحيان وهى أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، وليس هذا بمستغرب ما دامت صادرة عن غير معصوم. فكل بشر يصيب ويخطئ وهو معذور فى خطئه بل مأجور أجرًا واحدًا وإذا كان بعد تحر واجتهاد واستفراغ الوسع فى الطلب " اهـ.
وهل السنون المشار إليها بالهجرى أم بالميلادى أم أن بعضها بالهجرى وبعضها بالميلادى؟
ونلاحظ أننا إذا قلنا ان خروج اليهود من مصر كان فى عام ١٢١٣ ق.م فإن هذا سيجعل عمر أمّة اليهود ١٢٠٠ سنة فقط أو ١٢٥٠ بدلًا من ١٥٠٠ سنة، وهكذا نجد أن الأمر ليس قاطعًا وأن الفروق بمئات السنين!!!!
_________
(١) أثناء كتابة هذا الرد فإذا بكتاب فى الأسواق عن سنة ظهور المهدى ونزول عيسى ﵇، وقام مؤلفه بتحديد سنوات بناء على حساباته وهذه السنوات تختلف عن الحسابات التى حددها المؤلف (أمين)، والكارثة أن صاحب الكتاب سمى حساباته (بالحساب القرآنى)،ثم أتبع كتابه هذا بكتاب آخر، وهكذا فإن أمثال هؤلاء يسيؤن للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فماذا سيقول أمثال هذا عندما يتضح أن حسابه - الذى أسماه بالقرآنى- حساب غير سليم؟؟!!!
(٢) * سبق التعليق على مثل هذا وأنه لا يعتمد عليه.قاله تحديدًا أم على التقريب. (أبو حاتم)
1 / 15