القيامة الصغرى
القيامة الصغرى
Daabacaha
دار النفائس للنشر والتوزيع،الأردن،مكتبة الفلاح
Lambarka Daabacaadda
الرابعة
Sanadka Daabacaadda
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
Goobta Daabacaadda
الكويت
Noocyada
قال: فأين رحمة الله؟ قال: رحمة الله قريب من المحسنين.
قال: يا ليت شعري كيف العرض على الله تعالى غدًا؟ قال: أما المحسن فكالغائب الذي يقدم على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه، فبكى سليمان حتى علا صوته واشتد بكاؤه ثم قال: أوصني، قال إياك أن يراك الله تعالى حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك ".
ونقل صديق حسن خان عن الغزالي في «الإحياء» أن سوء الخاتمة على رتبتين: إحداهما أعظم من الأخرى، فأما الرتبة العظيمة الهائلة فهي أن يغلب على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله إما الشك وإما الجحود، فتقبض الروح على تلك الحالة، فتكون حجابًا بينه وبين الله تعالى أبدًا، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد.
والثانية: وهي دونها أن يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا أو شهوة من شهواتها، فيتمثل ذلك في قلبه، ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع لغيره، فمهما اتفق قبض الروح في حالة غلبة حب الدنيا، فالأمر مخطر، لأن المرء يموت على ما عاش عليه، وعند ذلك تعظم الحسرة إلا أن أصل الإيمان وحب الله تعالى إذا كان قد رسخ في القلب مدة طويلة، وتأكد ذلك بالأعمال الصالحة، يمحو عن القلب هذه الحالة التي عرضت له عند الموت، فإن كان إيمانه في القوة إلى حد مثقال أخرجه من النار في زمان أقرب، وإن كان أقل من ذلك طال مكثه في النار، ولكن لو لم يكن إلا مثقال حبة فلا بد وأن يخرجه من النار، ولو بعد آلاف السنين، وكل من اعتقد في الله تعالى وفي صفاته وأفعاله شيئًا على خلاف ما هو به إما تقليدًا وإما نظرًا بالرأي والمعقول فهو في هذا الخطر، والزهد والصلاح لا يكفي لدفع هذا الخطر، بل لا ينجي منه إلا الاعتقاد الحق على وفق الكتاب العزيز والسنة المطهرة، والبُلْهُ بمعزل عن هذا الخطر (١) .
_________
(١) يقظة أولي الاعتبار: ص٢١٦.
1 / 35