إسناد الأمر إلى غيَر أهله
وضع الرجل المناسب في المكان المناسب أحد القواعد الهامة التي لا تصلح حياة البشر بدونها، ولذلك فإن الفترات التي تولى فيها الحكم أصحاب الكفاءات العالية من أصحاب الصلاح والتقى فترات مضيئة مشرقة في تاريخ الأمة الإسلامية، وأكبر مقتل يفسد نظام الحياة أن يتولى الحكم والولايات والمناصب أقوام غير أكفاء يقودون الحياة بأهوائهم، ويترك الأخيار القادرون على تسيير الأمور على النحو الأمثل والأفضل.
وقد أخبر الرسول ﷺ أن من أشراط الساعة أن يوسَّد الأمر إلى من لا يستحقه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ﵁، قال: " بينما رسول الله ﷺ في مجلس - يُحَدّث القوم، إذ جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله ﷺ في حديثه، فقال بعض القوم: سمع ما قاله، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه: قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " (١) .
وروى الطحاوي في «مشكل الآثار» عن رسول الله ﷺ: " يوشك أن يغلب على الدنيا لكع ابن لكع، وأفضل الناس مؤمن بين كريمين " (٢) .
(١) جامع الأصول: (١٠/٣٩٦)، حديث رقم (٧٩٠٠٤) .
(٢) سلسلة الأحاديث الصحيحة: (٤/٩) ورقم الحديث (١٥٠٥) وفي إسناد الحديث المرفوع ضعف. إلا أن له طريقًا صحيحة موقوفة. والموقوف له حكم المرفوع في مثل هذا.