القوافي الندية في السيرة المحمدية
القوافي الندية في السيرة المحمدية
Daabacaha
دار الهدف للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م
Noocyada
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، وبعد:
فقد سعدت بالاطِّلاع على هذه الأرجوزة المباركة (القوافي النَّديَّة في السِّيرة النَّبويَّة) على صاحبها أفضل الصَّلاة والسَّلام، للأستاذ الشَّاعر الأديب محمَّد جودة فيَّاض، فألفيتها أرجوزة نافعة في نظم السِّيرة النَّبويَّة المباركة، حيث قام المؤلِّف - أكرمه اللَّه - بالغوص في أعماق السِّيرة، واستخراج دررها، ونظم عقودها، بأسلوبٍ بديعٍ سهل، وقسَّمها إلى أحداث، ووضع لكلِّ حدثٍ عنوانًا، ثم تناول الحديث عنه في أبيات من بحر الرَّجز، بقوافٍ متنوِّعة، في كل باب، ولم يفته أن يختم بالحديث عن شمائل الرَّسول ﷺ، وقد رجع إلى مصادر متنوِّعة، يستقي منها مادة النَّظم، وقد أثبتها في آخر الكتاب.
وبهذا يكون المؤلِّف - أثابه اللَّه - قد جمع بين العلم والأدب في تناول السِّيرة العطرة، ومعلوم أنَّ النَّظم أيسر في الحفظ من النَّثر، ولهذا كثر نظم المتون في سائر الفنون، وأقبل طلبة العلم على هذه المنظومات، لعظم نفعها وسهولة حفظها.
أسأل اللَّه أن يبارك في المؤلِّف وأن ينفع بهذا الكتاب المبارك قرَّاء السِّيرة النَّبويَّة العطرة، وصلِّ اللَّهمَّ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلِّم.
ا. د / سيف رجب قزامل
أستاذ الفقه المقارن
والعميد السَّابق لكلية الشَّريعة والقانون بطنطا
جامعة الأزهر
1 / 6
تمهيد
في تحفة فنيِّة شعرية، نَظَم الشَّاعر محمد جودة فيَّاض السِّيرة النَّبويَّة العطرة، على صاحبها أفضل الصَّلاة والسَّلام، بأحداثها الدَّسمة، موجزًا إيَّاها بطريقة سلسة فريدة، تمتع الرُّوح وتجلي النَّفس، ماخرًا بقاربه عباب بحر الرَّجز، ليصل إلى القارئ ميسِّرًا عليه حفظ وفهم السِّيرة العطرة بلا تعقيد في اللَّفظ أو تكلّف في الوزن، مستمدًّا أحداثها من أمَّهات المصادر الثِّقات. وهو إذ يخوض تجربته الشِّعريَّة مستندًا إلى موهبته ودراسته، ظلَّ عاكفًا على مؤلَّفه اثنتي عشرة سنة ما بين ناظم ومنقِّح، إلى أن وصل إلى مرحلة التَّدقيق والتَّحقيق فغيَّر الكثير من الأبيات حتَّى استطاع الوصول إلى تلكم الدُّرر من الشِّعر الفصيح، وبالتَّالي إلى هذه الصورة الَّتِي خرج عليها الكتاب.
واللَّهُ من وراء القصد ...
عمر عبدالرَّحمن آدم
1 / 7
المقدمة
الحمدُ لله ربِّ العَالمين حَمْدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سُلْطَانِهِ، والصَّلاة والسَّلام على أفضل الرُّسل وخاتم النَّبيِّين سيِّدنا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُ واسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَدَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
(القَوَافِي النَّدِيَّةُ فِي السِّيرَةِ النَّبَويَّةِ) هذا هو عنوان كتابي، الَّذي اخترته بعناية ليكون مُعَبِّرًا عن المضمون والجَوْهَر، وَنَظَمْتُ الشِّعْرَ سَابحًا في بحر الرَّجز؛ ليسهل على الناس حفظ سيرة المختار وتفهُّم كامل معانيها وأحداثها، وتعرَّضْت لأدق التفاصيل للحفاظ على السِّيرة بكل ما فيها من عظاتٍ وعِبَر، فتكون منارًا للسَّالكين وهدًى للضَّالِّين وأمنًا للخائفين، يَتَغَنَّى بها الكون بِأَسْرِهِ، ويَتَرَنَّمُ بها الحجر والشَّجر والطَّير في جوِّ السَّماء والحِيتان في جوف البحار فهي غذاء الرُّوح وبهجة النُّفُوس.
عن أُبَيّ بن كَعْب قال: قال رسول الله (ﷺ): (إِنَّ مِنَ الشِّعر حِكْمَةً) (^١) وقال عمر بن الخطاب (رضى الله عنه): (نِعْمَ مَا تَعَلَّمَتْهُ العَرَبُ الْأبْيَاتُ مِنَ الشِّعْرِ يُقَدِّمُهَا الرَّجُلُ أمَامَ حَاجَتِهِ).
وكان ابن عبَّاس يقول: إِذَا قَرَأْتُمْ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ الله فَلَمْ تَعْرِفُوهُ فاطْلُبُوهُ فِي أَشْعَارِ العَرَبِ فإنَّ الشِّعْرَ دِيوَانُ العَرَبِ. وكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ القُرآنِ أَنْشَدَ فِيهِ شِعْرًا.
_________
(^١) قال الألباني فِي «السِّلسلة الصَّحيحة» ٦/ ٨٣٨، أخرجه البخاري فِي «صحيحه» (٧/ ١٠٧) وفي «الأدب المفرد» (١٢٤ و١٢٥) وأبو داود (٢/ ٣١٥) والدَّارمي (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧) وابن ماجه (٢/ ٤١٠) والطيالسي (ص ٧٦ رقم ٥٥٦) وأحمد (٣/ ٤٥٦ و٥/ ١٢٥).
1 / 9
وكان الشِّعر في الجاهليَّة عند العرب ديوان علمهم ومُنْتَهَى حكمهم به يأخذون وإليه يصيرون (^١).
ومن كل ما سبق أَخُصُّ الطَّيِّبَ مِنَ الشِّعْرِ حتَّى لا نكون من الذين قال الله فيهم: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]، فنأخذ من الشِّعر كل ما يدعو إلى الفضائل والبعد عن الرَّذائل؛ حتَّى نحقق تقوى الله ﷾، ونرجو بذلك المغفرة والرِّضوان.
الشِّعر: هو الكلام البليغ، المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء مُتَّفِقَةٍ في الوزن والرَّوِيِّ، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة (^٢).
وقد أخذ الخليل والأخفش تلميذه ما حَظِيَ بالاستحسان وغطَّى ما عداه من الأوزان. والتزمت الحفاظ على الوزن والقافية؛ لأنَّهما اللَّذان يضبطان الموسيقى الظَّاهرة في الشِّعر، وسميت القافية بهذا الاسم لأنَّها تقفو إثر كل بيت وهي حِلْيَة موسيقية تزين الكلام.
والقوافي عند الخليل ما بين آخر حرف إلى أول حرف ساكن يليه مع المتحرك الَّذِي قبل الساكن «وَقَافِيَةٌ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالضِّرْسِ».
واستخدمت الألف رِدْفًا، والرِّدْفُ هو حرف مد يأتي قبل الرَّوِيّ وحروف المد هي (الألف، الواو، الياء) ومثال على ذلك:
بَدْرُ الْهُدَى قَدْ أَشْرَقَتْ أَنْوَارُهُ ... كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي الْعَلْيَاءِ
وأما الرَّوِيُّ من الرِّوَاءِ وهو الحبل الَّذِي يضم شيئًا إلى شيء، فالرَّوِيُّ يشد أجزاء البيت ويوصل بعضها ببعض أو يربط أبيات القصيدة بعضها ببعض ربطًا شكليًا متمثِّلًا
_________
(^١) انظر كتاب طبقات فُحُول الشُّعَرَاء لابن سَلَّام الْجُمَحِيّ ص ١ - ٣٤
(^٢) انظر كتاب فِي علم القافية د/أمين علي السيد (ص ٥٠ - ٨٥)
1 / 10
في الموسيقى الظَّاهرة، وهو الحرف الَّذِي يختاره الشَّاعر من الحروف الصَّالحة فيبني عليه قصيدته ويلتزمه في جميع أبياتها، وإليه تنسب القصيدة، فيقال قصيدة همزيّة إن كانت الهمزة هي الرَّوِيّ كهمزيّة شوقي، أو لاميَّة إن كانت اللَّام هي الرَّوِيّ كلاميَّة العرب للشَّنْفَرَى.
أمَّا الْوَصْلُ فهو (الحرف الَّذِي يلي الرَّوِيّ مباشرة، وقد يكون ناتجًا من حركة إشباع الرَّوِيّ كالواو من الضمة والياء من الكسرة والألف من الفتحة أو الهاء). والوصل عندي هو حرف الياء الناتج من إشباع حرف الرَّوِيّ المكسور دائمًا.
والسِّيرة النَّبويَّة لها وضع خاص بما فيها من وقائع وأحداث وشخصيات لا بد من ذكرها في مكانها كما هي دون تغيير؛ حتَّى تكون حُجَّةً لنا لا علينا إرضاءً للّه ورسوله.
وللسُّنَّة النَّبويَّة أهمية عظيمة في قلوب المسلمين، فإذا كان القرآن الكريم هو أصل الشَّريعة ومصدرها الأول فإن السُّنَّة النَّبويَّة الكريمة هي المصدر الثاني من مصادر التَّشريع، وكلام النَّبِيِّ (ﷺ) هو وحيٌ من الله، حيث يقول سبحانه: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ [النجم: ١ - ٤].
والله سبحانه قد أَنْزَلَ القرآن تبيانًا لكل شيء يحتاج إليه النَّاس من أمر الشَّريعة وهدًى من الضَّلالة ورحمةً وبشرى بالجنَّة للمسلمين الموحِّدين، فقد قال الله سبحانه: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)﴾ [النحل: ٨٩]. والسُّنَّة النَّبويَّة جاءت مُبَيِّنَةً ومُفَسِّرَةً للقرآن الكريم.
وطاعة النَّبيِّ (ﷺ) من طاعة الله، حيث قال الله ﷿: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (٨٠)﴾ [النساء: ٨٠].
أسأل اللَّهَ سُبْحَانَهُ أنْ يُحْيِيَنَا على السُّنَّةِ وأنْ يُمِيتَنَا عليها وأنْ يَحْمِيَنَا مِنَ البِدَعِ إنَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ، وأسْألُ اللهَ أنْ يَجْمَعَنَا مع نَبِيِّنَا (ﷺ) في مُسْتَقَرِّ رحمته في جَنَّةٍ عَرْضُهَا
1 / 11
السَّماوات والأرض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقين وتحقيق ذلك بطاعة الله ورسوله، قال الله سُبْحَانَه: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩].
ولن نَضِلَّ أَبَدًا مَا دُمْنَا نُحْيِي سُنَّةَ نَبِيِّنَا (ﷺ) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): «تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِى وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ».أخرجه الحاكم (١/ ١٧٢، رقم ٣١٩). وأخرجه أيضًا: الدَّارقطني (٤/ ٢٤٥).
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ هَذَا الْعَمَلَ واجْعَلْهُ خَالِصًا لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ
محمد جودة فيَّاض
1 / 12
أحوال العرب قبل الإسلام
أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِأَنْوَارِ الْهُدَى ... فَالْمُصْطَفَى قَدْ هَلَّ بِالْخَيْرَاتِ
الْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى آلَائِهِ ... يُنْعِمُ بِالْأَرْزَاقِ وَالْأَقْوَاتِ
يُنَزِّلُ الْغَيْثَ بِفَيْضِ رَحْمَةٍ ... وَيُنْبِتُ الزُّرُوعَ وَالْجَنَّاتِ
وَمُبْدِئُ الْخَلْقِ لَهُ تَمْجِيدُنَا ... سُبْحَانَهُ المُحْيِي مِنَ الْمَمَاتِ
قَدْ بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا هَادِيًا ... يَدْعُو إِلَى مَكَارِمِ الصِّفَاتِ
يُغَرِّدُ الطَّيْرُ بِحُسْنِ وَصْفِهِ ... شَمْسِ الْأَصِيلِ فِي سَمَا الرَّبْوَاتِ
وَالْكَوْنُ يَشْدُو بِجَمَالِ حُسْنِهِ ... تَرَنُّمًا بِأَجْمَلِ الْأَصْوَاتِ
بِهِ هَدَى اللهُ ضَلَالَ فِرْقَةٍ ... تَخَبَّطُوا فِي اللَّهْوِ وَاللَّذَّاتِ
قَدْ أَكَلُوا الرِّبَا بِكُلِّ جُرْأَةٍ ... طَغَوْا بِوَأْدِ أَنْضَرِ الْبَنَاتِ
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ رِجْسٌ آثِمٌ ... وَلَذَّةُ النُّفُوسِ فِي الطَّاعَاتِ
الْحَرْبُ خَاضُوهَا بِلَا هَوَادَةٍ ... هُمْ دَفَعُوا لَهَا بِعَادِيَاتِ
وَالْمَرْءُ يُفْنِي مَالَهُ تَكَرُّمًا ... مُفْتَخِرًا بِذَاكَ فِي السَّادَاتِ
قَدْ يَذْبَحُ النَّاقَةَ فِي بَشَاشَةٍ ... لِعَابِرِ السَّبِيلِ فِي الضَّيْعَاتِ
ظَلَّ الْوَفَاءُ عِنْدَهُمْ مُقَدَّسًا ... وَإِنْ بَدَا فِيهِ هَلَاكُ الذَّاتِ
فَإِنَّمَا حَاجِبُ (^١) وَابْنُ عَادِيَا (^٢) ... رَمْزَا وَفَاءٍ بَلْ وَتَضْحِيَات
_________
(^١) قصة حَاجِب بن زُرَارَةَ التَّمِيمِي هي أنَّه استأذن كِسْرَى فِي إنزال قَوْمِهِ على حدود كِسْرَى لجَدْبٍ أصَابَهُم، فخاف كِسْرَى منهم الغَارَةَ والفَسَادَ، فَأَبَى إِلَّا بِالضَّمان، فرهنه حاجبُ قَوْسَه، وَوَفَّى بوعده حَتَّى تُوفِّيَ، وانتهى الجَدْبُ ورجع القَوْمُ إلى ديارهم، وذهب عطاردُ بن حاجب إلى كِسْرَى يسترد قوسَ أبيه فَرَدَّها عليه لوفاء أبيه.
(^٢) أما السَّمَوْأَلُ بن عَادِيَا؛ فيقال كان امرؤ القيس أودعَ عنده دُروعًا وأراد الحارثُ بن أبي شِمْرٍ الغَسَّانِيّ أنْ يأخذها منه فَأَبَى وتَحَصَّنَ بقصره فِي تيماء وكان أحدُ أبناء السَّموأل خارج القصر فأخذه الحارثُ وهدَّدَه بِقَتْلِهِ إِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الدُّروعَ، فَأَبَى فَقَتَل الحَارِثُ ابْنَهُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ.
1 / 13
صور من المجتمع الجاهلي
الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ ذَاتُ عِزَّةٍ ... بَيْنَ الرِّجَالِ تَجْمَعُ السَّادَاتِ
إِنَّ النِّكَاحَ عِنْدَهُمْ مُقَنَّعٌ ... أَخُصُّ مِنْهُ طَيِّبَ الزِّيجَاتِ
وَعِنْدَهُمْ سِفَاحُ بَغْيٍ فَاحِشٍ (^١) ... قَدْ أَبْدَلُوا النِّسَاءَ وَالزَّوْجَاتِ
فَلَيْسَ لِلزَّوْجَاتِ حَدٌّ مُطْلَقٌ ... انْغَمَسُوا فِي شَهْوَةِ اللَّذَّاتِ
وَزَوْجَةُ الْأَبِ كَإِرْثٍ خَالِصٍ ... فَبِئْسَ قَوْمُ الْعَارِ فِي الضَّيْعَاتِ
وَلِلْبَغَايَا عَلَمٌ وَرَايَةٌ ... فَإِنَّمَا عُرِفْنَ بِالرَّايَاتِ
لَمْ يَكُنِ الْعِنَبُ كَرْمًا أَبَدًا ... وَلَيْسَتِ الْخَمْرُ مِنَ الْبَنَاتِ
وَيُجْمَعُ الْأُخْتَانِ فِي تَفَحُّشٍ ... قَدِ ارْتَضَوْا هُمْ بِالْمُحَرَّمَاتِ
أَمَّا التِّجَارَةُ فَكَانَتْ مَطْمَعًا ... وَمَا رَضُوا بِقِسْمَةِ الْأَقْوَاتِ
فَحَسْبُهُمْ قَدْ عَرَفُوا صِنَاعَةً (^٢) ... كَصُنْعِ أَثْوَابٍ مُرَصَّعَاتِ
وَالْجَهْلُ ضَارِبٌ لِكُلِّ فِطْنَةٍ ... فَإِنَّهُمْ عُدُّوا مِنَ الْأَمْوَاتِ
أَيَبْعَثُ اللهُ رَسُولَ رَحْمَةٍ؟ ... لِيُرْشِدَ النَّاسَ إِلَى الْخَيْرَاتِ
فَإِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ... يُجِيرُنَا وَيَقْبَلُ الطَّاعَات
_________
(^١) انظر سنن أبي داوود، كتاب النِّكاح باب وجوه النِّكاح الَّتِي كان يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّة، وأضَافَ إلى مَا ذكر نكاح الاسْتِبْضَاعِ، فكان يقول الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أرسلي إلى فلان فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، ولَا يَمَسُّهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلَهَا مِنَ الَّذي تَسْتَبِضِعُ مِنْهُ.
(^٢) معظم الصِّنَاعَات الَّتِي كانت مَوْجُودَة لَدَى الْعَرَبِ هِيَ الحِيَاكَةُ والدِّبَاغَةُ وبخاصة فِي أهل اليمن والحِيرة ومشارف الشَّامِ، وكان فِي داخل الجزيرة شيءٌ مِنَ الزِّرَاعَةِ والحَرْث، وَيُحِبُّونَ اقْتِنَاءَ الأنْعَامِ، وكَانَتْ نِسَاءُ الْعَرَبِ كَافَّةً يَشْتَغِلْنَ بِالغَزْلِ، لكن كَانَتِ الأمْتِعَةُ عُرْضَةً للحُرُوبِ، وكَانَ الفَقْرُ والجُوعُ عَامًّا فِي المُجْتَمَع.
1 / 14
موقع العرب وأقوامهم
الْعَرْبُ الْكِرَامُ أَهْلُ رِفْعَةٍ (^١) ... قَدْ شُرِّفُوا بِكَعْبَةِ الْأَنْوَارِ
بَائِدَةٌ (^٢) عَارِبَةٌ أَقْوَامٌ (^٣) ... مَا بَالُ مُسْتَعْرِبَةِ (^٤) الْقِفَارِ
الْبَائِدُونَ أُهْلِكُوا بِبَغْيِهِمْ ... بَلْ وثَمُودُ عِبْرَةُ الْفُجَّارِ
عَارِبُ هُمْ مَنْبَعُ كُلِّ حِكْمَةٍ ... فَهُمْ شُمُوسُ الْعَرَبِ الْجِسَارِ
طَيِّئُ وَالْأَزْدُ كِبَارُ سَادَةٍ ... فَإِنَّهُمْ قَبَائِلُ الْأَطْهَارِ
أَلَا وَمُسْتَعْرِبَةٌ هُمْ فَخْرُنَا ... فَدُونَهُمْ مَحَامِدُ الْأَشْعَارِ
وَقَدِمَ الْخَلِيلُ فِي بَهَائِهِ (^٥) ... لِمِصْرَ أرْضِ الْمَجْدِ وَالْفَخَارِ
وَزَوْجُهُ سَارَةُ ذَاتُ عِفَّةٍ ... قَدْ سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَّار
_________
(^١) انظر محاضرات تاريخ الأمم الإسلاميَّة للخضري ١/ ١١ - ١٣. وقلب جزيرة العرب ٢٣١ - ٢٣٥.
(^٢) العرب البَائِدة (الَّذين انقرضوا).
(^٣) العرب العَارِبة (المنحدرة من صلب يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطَان) «العرب القحطانيون».
(^٤) العرب المُسْتَعْرِبَة (المنحدرة من صلب إسماعيل ﵇ «العرب العَدْنَانِيَّة»).
(^٥) ولد خليل الرَّحْمَنِ (إبراهيم ﵇ فى مدينة (أور) بالعراق وهاجر إلى حاران أو حرَّان ثُمَّ فلسطين ثُمَّ مصر وكانت معه سَارَةُ زَوْجَتُهُ فَتَعَرَّضَ لَهَا جَبَّارُ مِصْرَ فنجَّاها اللهُ مِنْهُ فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ خَوْفًا مِنْ عَذَابِ الله.
1 / 15
إبراهيم وولده إسماعيل ﵉
قَدْ وَضَعَتْ هَاجَرُ طِفْلًا مُشْرِقًا ... مُبَارَكًا مِنْ خِيْرَةِ الْأَبْنَاءِ
وَضَجِرَتْ سَارَةُ مِنْهَا غِيْرَةً ... مَا أَجْمَلَ الصَّبْرَ عَلَى النِّسَاءِ!
فَأَخَذَ الرَّضِيعَ بَلْ وَأُمَّهُ ... إِلَى مَكَانٍ فِي نَوَى الْعَرَاءِ
وَلَيْسَ إِلَّا بَعْضُ تَمْرٍ زَادُهُمْ ... رُحْمَاكَ رَبِّي سَامِعَ الدُّعَاءِ (^١)
كَفَاكِ يَا هَاجَرُ مِنْ مَشَقَّةٍ ... قَدْ أُرْسِلَ الْأَمِيْنُ بِالسَّرَّاءِ
هَبَطَ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ خَالِقٍ ... فَانْفَجَرَتْ زَمْزَمُ بِالصَّفَاءِ
فَيَا بَنِي جُرْهُمِ حَمْدًا طَيِّبًا ... قَدْ أَذِنَتْ هَاجَرُ بِالْبَقَاءِ
أَيَذْبَحُ الْخَلِيلُ حَقًّا ابْنَهُ؟ ... قَدِ اسْتَجَابَ دُونَمَا إِبْطَاءِ
رُؤَى النَّبِيِّينَ كَأَمْرٍ مُلْزِمٍ ... لَا بُدَّ أَنْ يُذْبَحَ لِلْإِيفَاءِ
يَمَّمَهُ لِلْأَرْضِ فِي تَبَتُّلٍ ... فَأُنْزِلَ الْفِدَاءُ مِنْ عَلْيَاء
_________
(^١) قَدِمَ الخليلُ بهاجر وولدها الرَّضيع إلى الحِجَاز بوادٍ غير ذِي زَرْعٍ بِمَقْرُبَةٍ مِنَ البيتِ الحَرامِ ووضع عِنْدَهُمَا جِرَابَ تَمْرٍ وسقاءَ ماء.
1 / 16
رفع القواعد من البيت
قَوَاعِدُ الْبَيْتِ بَدَتْ جَلِيَّةً ... فَارْتَفَعَ الْخَلِيلُ بِالْبُنْيَانِ
قَدْ أَذِنَ اللهُ بِحَجِّ بَيْتِهِ ... تَمْحُو الذُّنُوبَ دَعْوَةُ الرَّحْمَنِ
فَأَرِنَا اللَّهُمَّ كُلَّ مَنْسَكٍ ... وَاقْسِمْ لَنَا مِنْ نِعْمَةِ الْغُفْرَانِ
وَاجْعَلْ كِلَيْنَا مُسْلِمًا مُوَحِّدًا ... يَا خَالِقَ النُّجُومِ فِي الْأَكْوَانِ
وَابْعَثْ إِلَى الْخَلْقِ رَسُولَ رَحْمَةٍ ... يَتْلُو عَلَيْهِمْ مُجْمَلَ الْقُرْآنِ
عَدْنَانُ قَدْ بَدَا ضِيَاءُ نَجْمِهِ (^١) ... فَإِنَّهُ أُعْجُوبَةُ الزَّمَانِ
أَمَّا كِنَانَةُ عَلَتْ مَكَانَةً ... وَخُلِّدَتْ قُرَيْشُ فِي الْأَذْهَان
_________
(^١) عَدْنَانُ هو الجدُّ العشرون فِي سلسلة النَّسَبِ النَّبَوِيِّ وينتهي نسبه إلى قيدار بن إسماعيل ﵇. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، أَخْبَرَنَا الأوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ﷺ): إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. رواه مسلم فِي كتاب الفضائل باب فضل نسب النَّبِيِّ (ﷺ) ٤ - ١٧٨٢ وصححه التِّرمذي وابن حِبَّان.
1 / 17
الحكم والإمارة في العرب
الْعَرَبُ الْكِرَامُ سَادَ حُكْمَهُمْ ... زِعَامَةُ الْمُلُوكِ فِي الْبُلْدَانِ
وَإِنَّمَا لِسَبَإٍ حَضَارَةٌ ... قَدْ عُرِفُوا بِنَهْضَةِ الْعُمْرَانِ (^١)
بِمَنْهَلِ الْعِلْمِ بَنَوْا سُدُودَهُمْ ... فَنَعِمُوا بِالرَّوْضِ وَالْجِنَانِ
كُلُوا مِنَ الرِّزْقِ عَظِيمَ نِعْمَةٍ ... لَا شُكْرَ يُوفِي نِعْمَةَ الْمَنَّانِ
وَأَعْرَضُوا فَغَرِقَتْ جِنَانُهُمْ ... وَدُمِّرَتْ شَوَامِخُ الْبُنْيَانِ
أَضْحَى نَعِيمُهُمْ شَقَاءً مُضْنِيًا ... قَدْ حُرِمُوا مِنْ عِيشَةِ الْإِحْسَانِ
فَإِنَّمَا خَمْطٌ وَأَثْلٌ دَاحِضٌ ... قَدْ شَرِبُوا مِنْ مَوْرِدِ الْهَوَانِ
نَعَمْ وَفِي أَسْفَارِهِمْ مَشَقَّةٌ ... فَمُزِّقُوا فِي أَشْعُبِ الْوِدْيَانِ
فَهَلْ لَنَا مِنْ عِظَةٍ وَعِبْرَةٍ ... بِتِلْكُمُ السُّنَنِ فِي الْأَزْمَان
_________
(^١) عُرِفَتْ دَوْلَتُهُمْ فِي هذه الفترة بالدَّوْلَةِ المَعِينِيَّة (ظهرت فِي الجوف، وهو السَّهل الواقع بين نجران وحضرموت بَنَوْا سد مأرب الَّذي له شأنٌ كبير فِي تاريخ اليمن). انظر اليمن عبر التَّاريخ ص ٧٧ - ٨٣ وتاريخ العرب قبل الإسلام ص ١٠١ - ١١٣.
1 / 18
أصحاب الأخدود
قَدْ أَغْرَقَ التَّارِيخُ فِي أَبْحُرِهِ ... كُلَّ الْجَبَابِرَةِ والْأَشْرَارِ
فَذُو نُوَاسٍ قَدْ طَغَى تَجَبُّرًا (^١) ... عَلَى النَّصَارَى وَبِلَا إِنْذَارِ
وَشَقَّ مِنْ فُجُورِهِ أُخْدُودًا ... سَعَّرَهُ بِحِمَمٍ مِنْ نَارِ
قِعِي بِلَا خَوْفٍ نَعَمْ أُمَّاهُ ... قَدْ نَطَقَ الرَّضِيعُ بِاقْتِدَارِ (^٢)
إِنَّ النَّعِيمَ فِي رِحَابِ جَنَّةٍ ... بِرَوْضِهَا مَنَازِلُ الْأَبْرَارِ
أَرْيَاطُ قَدْ غَزَا بِجَيْشٍ قَاهِرٍ (^٣) ... الْيَمَنَ الْمَصُونَ فِي الْأَخْبَارِ
يَا حَسْرَةً فَقَدْ غَدَا فَرِيسَةً ... أَبْرَهَةُ الْغَدَّارُ فِي انْتِظَارِ
اغْتَالَهُ بَلِ اسْتَبَاحَ مُلْكَهُ ... ثُمَّ بَنَى الْقُلَّيْسَ فِي اغْتِرَارِ
أَلَا وَقَدْ خَابَ وَكُلُّ جُنْدِهِ ... هَمُّوا بِهَدْمِ كَعْبَةِ الْأَنْوَارِ
وَالطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ حَلَّقَتْ ... تَرْمِي بِأَحْجَارٍ عَلَى الْكُفَّارِ
قَدْ أُهْلِكُوا فَهُمْ لَنَا مَوْعِظَةٌ ... فَالْمَوْتُ لِلطُّغَاةِ وَالْفُجَّارِ
فَإِنَّ فِي الْكَوْنِ عَظِيمَ سُنَّةٍ ... تِلْكُمْ عِظَاتٌ يَا أُولِي الْأَبْصَار
_________
(^١) ذُو نُوَاس (هو يُوسف بن ذِي نُوَاس، هجم على النَّصَارَى مِنْ أهْلِ نَجْرَان ودعاهم إلى اليهوديَّة فلمَّا أَبَوْا خَدَّ لهم الأخاديد وأحرقهم بالنَّار ولم يفرق بين الرِّجال والنِّساء والأطفال الصِّغار والشُّيوخ الكبار، وقع ذلك فِي أكتوبر ٥٢٣ م). (انظر اليمن عبرالتَّاريخ ص ١٥٧ - ١٦١).
(^٢) في صحيح مسلم من حديث صهيب فِي قصة أصحاب الأخدود جاءت امرأةٌ ومعها صَبِيٌّ لها فتقاعست أنْ تقع فيه، فقال لها الغُلَامُ: (يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ).
(^٣) غزا أرْيَاطُ اليمنَ بتحريضٍ مِنْ أباطرة الرُّومَانِ وظَلَّ حَاكِمًا حَتَّى قَتَلَهُ أَبْرَهَةُ بن الصَبَّاحِ الأشْرَم أَحَدُ قُوَّادِ جَيْشِهِ وَنَصَّبَ نَفْسَهُ حَاكِمًا.
1 / 19
الملك بالحِيرَة
يَا قَوْمَنَا إِسْكَنْدَرُ الْمَجْدِ أَتَى (^١) ... وَقَدْ غَدَا تَرْنِيمَةَ الْأَمْصَارِ
حَتَّى بَدَا فِي الْعَالَمِينَ نَجْمُهُ ... فَإِنَّهُ مَنَارَةُ الْفَخَارِ
وَأَرْدَشِيرُ قَدْ تَسَامَى مُلْكُهُ (^٢) ... فَامْتَدَّ لِلْحِيرَةِ وَالْأَنْبَارِ
أَمَّا جَذِيمَةُ فَذُو مَكَانَةٍ ... عَهِدْتُهُ يَحْكُمُ فِي اقْتِدَارِ
خَلَفَهُ عَمْرٌو فَطَابَ حُكْمُهُ (^٣) ... ثُمَّ أَتَى الْمُنْذِرُ فِي الْأَخْبَارِ (^٤)
وَإِنَّمَا هَانِئُ ذُو مُرُوءَةٍ (^٥) ... فَإِنَّهُ مِنْ سَادَةِ الْأَخْيَارِ
كَانَتْ بِذِي قَارَ نَعَمْ مَلْحَمَةٌ ... فَدُونَهَا مَفَاخِرُ الْأَشْعَار
_________
(^١) كانت الفرس تحكم بلاد العراق وما جاورها منذ أنْ جمع شملهم قوروش الكبير حتى جاء الإسكندر المقدوني ٣٢٦ ق. م فهزم ملكهم وبدَّدَهم.
(^٢) أَرْدَشير بن بَابك، مؤسس الدَّوْلَةِ السَّاسَانِيَّة ٢٢٦ م جمع شمل الفُرْسِ واستولى على العرب المقيمين على تخوم ملكه ودانت له الحِيرةُ والأنبارُ، وفي عهد أردشير كانت ولاية جَذِيمَة بن مَالِك المُلَقَّب بـ (الوضَّاح) على الحِيرَة ومن بادية العراق والجزيرة مِنْ ربِيعَة ومُضَر.
(^٣) بعد موت جَذِيمَة وَلِيَ الْحِيرَةَ والأنبارَ عَمْرُو بن عَدِيّ بن نصر اللَّخميّ (٢٦٨ - ٢٨٨ م).
(^٤) المُنْذِرُ بن ماء السَّماء (٥١٢ - ٥٥٤ م) وهو أبو النُّعْمَان بن المُنْذِرِ.
(^٥) هَانِئُ بن مَسْعُود سيِّد آل شَيْبَان رفض تسليم ما عنده من أمانات لإِيَاس بن قَبِيصَة والي الحِيرة، كان قد أوْدَعَهَا إيَّاه النُّعْمَانُ، بل آذن كِسْرَى بالْحَرْبِ وانتصر بَنُو شَيْبَانَ على الفُرْسِ فِي معركة "ذِي قَار" وهو أوَّلُ انتصارٍ للْعَرَبِ عَلَى الْعَجَم.
1 / 20
إمارة الحجاز
تَالله عَدْنَانُ عَلَا فِي قَوْمِهِ (^١) ... وَاسْتَنْفَرَ النُّجُومَ فِي الْعَلْيَاءِ
وَضَاقَتِ الْأَرْضُ بِمَا قَدْ رَحُبَتْ ... جُرْهُمُ كَالْجَرَادِ فِي الْأَنْحَاءِ
وَقَدْ بَكَى عَمْرٌو بِحُزْنٍ وَأَسَى (^٢) ... مِنَ الرَّحِيلِ دُونَمَا الْإِبْقَاءِ
وَإِنَّمَا مُضَرُ زَادَتْ شَرَفًا ... بِسَبْقِهَا لِلدَّفْعِ (^٣) وَالْإِنْسَاءِ (^٤)
قُصَيُّ قَدْ أَضْحَى لَهُ مَكَانَةٌ (^٥) ... تُنِيرُ فِي مَنَاكِبِ الْجَوْزَاءِ
هَاشِمُ (^٦) قَدْ آلَتْ لَهُ سِقَايَةٌ (^٧) ... فَإِنَّهُ مَنَارَةُ الْعَطَاء
_________
(^١) عَدْنَانُ هو جد العرب العَدْنَانِيَّة (ذكر ذلك ابن اسحاق وابن السائب الكلبي وينسب إليه النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ (ﷺ) وهو جَدُّه العشرون.
(^٢) عَمْرُو بن الحَارِث بن مُضَاض الجُرْهُمِي خرج بِغَزَالَيِ الْكعبةِ والحَجَرِ الأسْوَدِ وَدَفَنَهُمَا فِي بئر زمزم.
(^٣) الدَّفْعُ: الدَّفع بالنَّاسِ من عَرَفَةَ إلى المُزْدَلفة والإجازة بهم يوم النَّفر من مِنَى، وكان يلي ذلك بنو الغَوْث بن مُرَّة من بطون إليَاس بن مُضَر.
(^٤) الإنْسَاء: إنْسَاءُ الأشْهُرِ الْحُرُمِ وكان ذلك لبني فُقَيْم بن عديّ من بني كِنَانَة. وأمَّا الإفَاضَةُ: من جمع غَدَاةِ يَوْمِ النَّحْرِ إلى مِنَى كان ذلك فِي بني عَدْوَان.
(^٥) قُصَيُّ بن كِلَابِ بن مُرَّة وهو الجدُّ الرَّابع للنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ (ﷺ) استولى على أمر مَكَّةَ والبَيْتِ سنة ٤٤٠ م وبذلك صَارَتْ لَهُ السِّيَادَةُ ومِنْ بعده لقُرَيْش.
(^٦) هَاشِمُ بن عبد مَنَاف وهو (الجدُّ الثَّاني لرَسُولِ الله (ﷺ) وإليه ينسب الهاشميون وقد آلت لهاشم السِّقاية والرِّفَادَة).
(^٧) السِّقَايَةُ: سِقَايَةُ الحَاجِّ يملؤون للحُجَّاجِ حِيَاضًا مِنَ المَاءِ يُحَلُّونَهَا بِالتَّمْرِ والزَّبِيب. انظر ابن هشام ١/ ١٢٩ - ١٣٢.
1 / 21
ديانات العرب
أَهْلُ الْحِجَازِ شُرِّفُوا بِمَجْدِهِمْ ... غَنَّتْ بِهِ الْحِسَانُ فِي الْبُلْدَانِ
وَهُمْ عَلَى دِينِ الْخَلِيلِ مِلَّةً ... وَابْنُ لُحَيٍّ جَاءَ بِالْأَوْثَانِ (^١)
تَبِعَهُ الْقَوْمُ بِلَا تَعَقُّلٍ ... فَبِئْسَ مَنْ يَنْقَادُ لِلشَّيْطَانِ
هُبَلُ عَدُّوهُ إِلَهًا شَافِعًا ... صُورَتُهُ كَهَيْئَةِ الْإِنْسَانِ
مِنْ ذَهَبٍ قَدْ صُنِعَتْ يَمِينُهُ ... فَإِنَّهُ أُعْجُوبَةُ الْخِذْلَانِ
أَمَّا خُزَاعَةُ لَهُمْ إَلَهُهُمْ ... هُوَ مَنَاةُ صَنَمُ الطُّغْيَانِ
وَخُصَّ لِلْعُزَّى مَكَانُ مَعْبَدٍ ... بِبَطْنِ وَادِي نَخْلَةِ الْهَوَانِ
عَمْرٌو نَعَمْ أَرْشَدَهُ رَئِيُّهُ (^٢) ... فَأَخْرَجَ الْأَصْنَامَ بِاطْمِئْنَانِ
عَبَدَهَا النَّاسُ بِلَا تَفَقُّهٍ ... قَدْ حُرِمُوا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ
أَمَّا بَنُو كَلْبٍ فَأَهْلُ غَفْلَةٍ ... قَدِ ارْتَضَوْا بِالْبُهُتِ وَالْبُطْلَانِ
فَإِنَّ وُدًّا صَنَمٌ مِنْ حَجَرٍ ... فَأَيْنَ نُورُ الْحَقِّ وَالتِّبْيَانِ
هُذَيْلُ قَدَّسَتْ سُوَاعًا بِئْسَهُمْ ... لَنْ يَنْعَمُوا بِنِعْمَةِ الرِّضْوَانِ
يَغُوثُ قَدْ عَبَدَهُ أَقْوَامٌ ... بَنُو غُطَيْفٍ سَادَةُ الْعِصْيَانِ
هَمْدَانُ مَاجَتْ فِي بِحَارِ ظُلْمَةٍ ... أَعْلَتْ يَعُوقَ فِي سَمَا الْبُهْتَان
_________
(^١) سَافَرَ عَمْرُو بن لُحَيٍّ إلى الشَّامِ فأتَى بِهُبَلَ وجَعَلَهُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ودَعَا أهْلَ مَكَّةَ إِلَى الشِّرْكِ فَأَجَابُوه. انظر كتاب الأصنام لابن الكلبيّ ص ٢٨.
(^٢) عَمْرُو بن لُحَيٍّ الخُزَاعِيّ كانَ لَهُ رَئِيٌّ مِنَ الجِنِّ فأخْبَرَهُ أنَّ أصْنَامَ قومِ نُوحٍ وُدًّا وسُوَاعًا ويَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرَا مَدْفُونَةٌ بِجَدَّة فأتاها واسْتَثَارَها وأوْرَدَها إلى تُهَامَةَ فلما جاء الحَجُّ دَفَعَهَا إلى القَبَائِلِ فَأَخَذُوهَا إلى أَوْطَانِهِم.
1 / 22
يَا قَوْمَ حِمْيَرٍ عَبَدْتُم نَسْرًا ... فَهَلْ نَسِيتُمْ بَارِئَ الْأَكْوَانِ؟
أَتَعْكُفُونَ لِلْهَوَى تَعَبُّدًا؟ ... فَقَدْ حُرِمْتُم نِعْمَةَ الْغُفْرَانِ
نَحَرْتُمُ النُّذُورَ فِي جَهَالَةٍ ... فَالْجَهْلُ ضَارِبٌ بِلَا حُسْبَانِ
بَلْ وَمِنَ الْحَرْثِ جَعَلْتُمْ جُزْءًا ... فَأَطْعِمُوهُ تِلْكُمُ الْأَوْثَانِ
وَلَمْ نَجِدْ سَائِبَةً نَاجِيَةً (^١) ... فَذَلِكُمْ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
أَمَّا الْبَحِيرَةُ فَأَضْحَتْ نَذْرًا (^٢) ... أَمَا سَئِمْتُم عِيشَةَ الْخُسْرَانِ
نَذَرْتُمُ الحَامِيَ فِي سَفَاهَةٍ (^٣) ... مَعَ الْوَصِيلَةِ فِدَا الْقُرْبَانِ (^٤)
وَمِنْكُمُ الصَّابِئُ بَلْ وَمُشْرِكٌ ... فُجُوْرُهُ كَالْمَاجِنِ السَّكْرَانِ
بَلْ وَمَجُوسِيٌّ هَوَتْهُ نَارُهُ ... عَبَدَهَا بِالْقَلْبِ وَالْوِجْدَانِ (^٥)
أَشْرَقَ فِي الدُّجَى رَسُولُ رَحْمَةٍ ... يَهْدِي إِلَى شَرِيعَةِ الْإِحْسَانِ
يُنِيرُ لِلْخَلْقِ دُرُوبَ ظُلْمَةٍ ... يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ الرَّحْمَن
_________
(^١) السَّائِبَةُ: كانوا يسيبونها لِأَصْنَامِهِم وهي النَّاقَةُ إذا تابعت بين عشر إنَاثٍ ليس بينهن ذَكَر.
(^٢) البَحِيرَةُ: النَّاقةُ الَّتِى تُشَقُّ أُذُنُهَا كانوا إذا ولدت النَّاقَةُ خَمْسَةَ أبطن بَحَرُوا أُذُنَهَا.
(^٣) الحَامِي: الفَحْلُ مِنَ الإبِلِ الَّذِي قد حُمِيَ ظَهْرُهُ مِنْ أنْ يُرْكَبَ بتتابع أولادٍ تكون مِنْ صُلْبِه، وكانت العَرَبُ إذا أنتجت مِنْ صلب الفحلِ عشرة أبطن قالوا حمي ظهره فلا يحمل عليه شيءٌ ولا يُمْنَعُ مِنْ مَاءٍ ولا مَرْعَى.
(^٤) الوَصِيْلَةُ: الأنْثَى مِنَ الْغَنَمِ إِذَا ولدت أُنْثَى مَعَ الذَّكَرِ قالوا أوصلت أخَاهَا فلم يذبحوه، وقال أهْلُ اللُّغَةِ: كانت الشَّاةُ إذا ولدت أُنْثَى فهي لهم وإذا ولدت ذَكَرًا ذبحوه لآلهتهم.
(^٥) كانت هذه الدِّيَانَاتُ هى دِيَانَاتُ الْعَرَبِ حين جاء الإسْلَامُ، وقد أصاب هذه الدِّيانات البَوَارُ والانْحِلالُ، فالمُشْرِكُونَ الَّذِين كَانُوا يَدَّعُونَ أنَّهم على دين إبراهيمَ ﵇ كانوا بعيدين عن أوامر وشريعةِ نبيِّ الله إبراهيمَ وما أتت به مِنْ مَكَارِمِ الأخْلَاقِ واليَهُودِيَّةُ انقلبت رِيَاءً وتَحَكُّمًا وصار رؤساؤها أرْبَابًا مِنْ دون الله يَتَحَكَّمُونَ فِي النَّاسِ هَمُّهُمُ الْمَالُ والرِئَاسَةُ وإنْ ضَاعَ الدِّينُ.
-
والنَّصرانيَّةُ عَادَتْ وثنيَّة عَسِرَة الفَهْمِ وأَوْجَدتْ خَلْطًا بين الله والإنْسَان، وذلك خَلْطٌ عَجِيبٌ يتنافى مَعَ الفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَاللهُ النَّاسَ عليها.
-
وأمَّا سَائِرُ أدْيَانِ الْعَرَبِ فكانت أحوال أهلها كأحوال المشركين، فقد تشابهت قُلُوبُهُمْ وتواردتْ عَقَائِدُهُمْ وتوافقتْ تَقَالِيدُهُمْ.
1 / 23
مولد النُّور
الْحَمْدُ لِلَّهِ اصْطَفَى حَبِيبَهُ ... خَيْرَ الْوَرَى إشْرَاقَةَ الضِّيَاءِ
تُضِيءُ فِي سَمَا الْوُجُودِ شَمْسُهُ ... لِيَزْهُوَ الْجَمَالُ فِي الْأَحْيَاءِ
سَاوَةُ قَدْ غَاضَتْ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ... خَجِلَةً مِنْ نُورِهِ الْوَضَّاءِ
كِسْرَى أَتَى بِالْحَقِّ خَيْرُ مُرْسَلٍ ... سُحْقًا لِنَارِ الشِّرْكِ وَالْبِغَاءِ
بَدْرُ الْهُدَى قَدْ أَشْرَقَتْ أَنْوَارُهُ ... كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي الْعَلْيَاءِ
حَلِيمَةُ السَّعْدِ عَلَتْ مَكَانَةً ... قَدْ أَرْضَعَتْ مَنَارَةَ السَّمَاءِ
وَتَحْلِبُ اللَّبَنَ فِي حَفَاوَةٍ ... وَقَوْمُهَا جَوْعَى بِلَا اسْتِثْنَاءِ
جِبْرِيلُ شَقَّ صَدْرَهُ تَطَهُّرًا (^١) ... فِدَاكَ نَفْسِي مَوْرِدَ الصَّفَاءِ
إِنَّ الْحَبِيبَ طَاهِرٌ مُبَارَكٌ ... أَكْرِمْ بِذِي السَّرِيرَةِ الْعَصْمَاءِ
الْحُسْنُ بَعْضٌ مِنْ جَمَالِ وَصْفِهِ ... وَالْوَجْهُ كَالْقَمَرِ فِي الْبَهَاءِ (^٢)
وَيَغْمُرُ السَّائِلَ بَحْرُ جُودِهِ ... فَالْخَيْرُ قَدْ فَاضَ مِنَ السَّخَاءِ
نُسْقَى عَلَى الْحَوْضِ غَدًا مِنْ يَدِهِ ... زِدْنَا اشْتِيَاقًا لِلرُّبَا الشَّمَّاءِ
أَنَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي زُمْرَتِهِ؟ ... وَنَسْبِقُ النَّاسَ إِلَى السَّعْدَاءِ
فَالْحُورُ فِي الْخِيَامِ زِدْنَ نَضْرَةً ... أَجْمِلْ بِهَا نَضَارَةُ الْهَنَاءِ!
وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْرَ مَنْزِلٍ ... قَدْ زَيَّنَتْهُ أَجْمَلُ النِّسَاءِ
اجْعَلْ وُجُوهَنَا غَدًا نَاضِرَةً ... ذَاكَ وَرَبِّي مُنْتَهَى الرَّجَاء
_________
(^١) انظر الرَّحيق المختوم ص ٦٣ وصحيح مسلم كتاب الإيمان باب الإسراء ١/ ١٤٧ ص ٢٦١.
(^٢) حدَّثنا أحْمَدُ بنُ سَعِيدٍ أبُو عَبْدِ الله حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ حدَّثَنا إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ يَقُولُ: (كَانَ رسُولُ الله (ﷺ) أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا لَيْسَ بالطَّوِيلِ البائِنِ وَلَا بالقَصِيرِ) أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِيِّ (ﷺ) عَن أبي كريب. - عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، صِفِي لِي رَسُولَ الله (ﷺ): «قَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَوْ رَأَيْتَهُ رَأَيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً». رواه الدَّارمي / مشكاة المصابيح ٢/ ٥١٧.
1 / 24
حرب الفِجَار
الْحَرْبُ فِي طَيَّاتِهَا تَهْلُكَةٌ ... وَبِئْسَهَا فِي الْأَشْهُرِ الْحَرَامِ
قَدْ قَتَلَ الْبَرَّاضُ فِي تَفَاخُرٍ (^١) ... ثَلَاثَةً مِنْ زُمْرَةِ الْكِرَامِ
دَعَا إِلَى الصُّلْحِ رِجَالُ حِكْمَةٍ ... مَا أَقْبَحَ الْفُجْرَ مَعَ الْخِصَامِ!
فَدِيَةٌ تَفْصِلُ فِي خُصُومَةٍ ... وَأُذْعِنَ الْجَمِيعُ لِلْحُكَّامِ
كَمْ أَظْهَرَ الْحَبِيبُ مِنْ شَجَاعَةٍ! ... قَدْ عَجِبُوا مِنَ الْفَتَى الْهُمَامِ
أَعَدَّ لِلْأَعْمَامِ نَبْلًا فَرِحًا (^٢) ... مَا خَافَ مِنْ مَوْتٍ وَلَا حُسَام
حلف الفُضُولِ
حِلْفُ الْفُضُولِ كَانَ فِي عَشِيرَةٍ ... هُمْ قِبْلَةُ الْعَدْلِ مِنَ الشُّجْعَانِ
فَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُمْ قَدْ جُمِّعُوا (^٣) ... لِنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ فِي الْبُلْدَانِ
أَيَا زُبَيْدِيُّ وَجَدْتَ مُنْصِفًا (^٤) ... أَتَأْخُذُ الْمَالَ بِلَا نُقْصَانِ
رَعَى النَّبِيُّ نَفْسُهُ أَغْنَامًا ... أَطْلَقَهَا الْحَبِيبُ فِي الْوِدْيَان
_________
(^١) البرَّاضُ بن قَيْسِ بن رَافِعِ الكِنَانِي اغْتَالَ ثَلاثَةً مِنْ رِجَالِ قَيْسِ عَيْلَان فوقعت الحَرْبُ بين قريش ومعهم كِنَانَة ضد قَيْسِ عَيْلَان وكَانَ البرَّاضُ مِنْ كِنَانَة وكان قائد قريش وكِنَانَة هو (حَرْبُ بن أُمَيَّة).
(^٢) انظر ابن هشام ١/ ١٨٤ - ١٨٧، شَارَكَ النَّبِيُّ (ﷺ) فِي حَرْبِ الفِجَار وكَانَ يَعُدُّ النَّبْلَ لِلأعْمَامِ.
(^٣) جُمِّعُوا فِي دار عبد الله بن جُدْعَان.
(^٤) انظر الطَّبقات لابن سعد والتفصيل أنَّ العَاصَ بن وائل السَّهمي اشترى بضاعةً مِنْ رَجُلٍ مِنْ زُبَيْد وَحَبَسَهُ حَقَّهُ فاستعدى عليه الأحْلَافَ حَتَّى عَقَدُوا حِلْفَ الفُضُولِ فَرُدَّ لِلزُّبَيْدِيِّ حَقُّه.
1 / 25
زواج النَّبيّ (ﷺ) «من خديجة»
خَدِيجَةُ الطُّهْرِ رَأَتْ مُحَمَّدًا ... وَالْحُسْنُ بَعْضٌ مِنْ سَنَا نَبِينَا
اسْتَوْدَعَتْهُ مَالَهَا مَحَبَّةً ... فَقَدْ رَأَتْهُ صَادِقًا أَمِينَا
وَكَانَ مَيْسَرَةُ خَيْرَ خَادِمٍ ... بِأَعْذَبِ الْخِصَالِ قَدْ رُوِينَا
وَأَنْجَبَتْ لَهُ البَنِينَ سَادَةً ... بِأَنْعُمِ الْكَرِيمِ قَدْ رَضِينَا
بغُصْنِهَا أَرْبَعُ زَهْرَاوَاتٍ ... قَدِ اسْتَقَيْنَ عِزَّةً وَدِينَا (^١)
مَاتَ الْبَنُونَ كُلُّهُمْ فِي صِغَرٍ ... فَالصَّبْرُ زَادُنَا إِنِ ابْتُلِينَا (^٢)
_________
(^١) ولَدَتْ القَاسِمَ وزَيْنَبَ ورُقيَّةَ وفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ وعَبْدَ الله المُلَقَّب بِالطَّاهِرِ وأمَّ كُلْثُوم.
(^٢) أدرك البناتُ الإسْلَامَ وَمِتْنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ (ﷺ) سِوَى فَاطِمَةَ عَاشَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ أَبِيهَا ثُمَّ مَاتَتْ - انظر ابن هشام ١/ ١٨٩ وفتح الباري ٧/ ١٠٥ وتلقيح فهوم أهل الأثر ص ٧.
1 / 26