المختلف فيهم
المختلف فيهم
Baare
عبد الرحيم بن محمد بن أحمد القشقري
Daabacaha
مكتبة الرشد،الرياض
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٠هـ / ١٩٩٩م
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
مقدمة
...
المختلف فيهم
تأليف: الحافظ عمر بن شاهين، ت (٣٨٥هـ)
ترتيب وتحقيق ودراسة: د. عبد الرحيم بن محمد بن أحمد القشقري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على نبي الأمة أجمعين، وبعد:
فهذا الكتاب الذي بين أيدينا على صغر حجمه يعتبر من الكتب الهامة التي توضح لنا منهج الإمام الحافظ ابن شاهين ﵀ ويعتبر في الوقت نفسه تكملة لكتابين له: أولهما: كتاب الثقات، وثانيهما: كتاب الضعفاء والكذابين، وقد أبرز المؤلف في هذا المصنف خلاصة آرائه في عدد من الرواة الذي ذكروا في الكتابين الآني الذكر حيث بلغ مجموعهم "سبعة وستين" راويًا. إلا أنه تساهل في الحكم على بعض الرواة لأنه اعتمد في حكمه على أقوال ابن معين، والإمام أحمد دون غيرهما إلا نادرًا. ولم يعتمد على الإمامين في كل ما قالاه عن راوٍ ما. ولأجل هذا وقع في تساهل عند الحكم، وقد حاولت دراسة الرواة الذين تساهل في أمرهم، وبينت سبب تساهله فيهم. ورغم وجود بعض الجوانب السلبية في أحكامه إلا أن يغتفر له بجدانب أحكامه التي أصاب فيها على كثير ممن أوردهم في مصنفه.
ويعد هذا الكتاب نموذجًا من نماذج المؤلفات التي حاول المؤلف فيها إظهار الحق وإبعاد التهمة عن بعض الرواة الذي ضعفهم بعض النقاد بما لا يوجب رد روايتهم.
وقد حاولت إبرازه حسبما قرره المصنف عند تأليفه له. ولما كانت النسخة التي اعتمدتها نسخة فريدة فيها الكثير من السقطات والتحريفات والتداخل في التراجم التي سوف أنبه عليها في الكلام على الكتاب، فقد عانيت مصاعب جمة عند إخراجه للقارئ الكريم حتى ظهر بهذه الصفة التي أرجو أن أكون بذلت ما وسعني من جهد، وإن وجد تقصير فالعفو عند الكرام يرتجى.
1 / 5
التعريف بالمؤلف
اسمه ونسبه:
هو الإمام الحافظ، المُسنِد، عمر بن أحمد بن عثمان، المعروف بابن شاهين نسبة لجده والد أمه، وهو بنسبته أشهر، ويكنى بأبي حفص.
مولده ونشأته:
ولد ﵀، سنة سبع وتسعين ومائتين ببغداد، ونشأ في بيت علم حيث والده المحدث أحمد بن عثمان، وأبو الطيب السمسار، وجده لأمه أحمد بن محمد بن يوسف بن شاهين الذي أكثر عنه في مصنفاته، ويظهر لي من خلال دراستي للمواد التي نقلها الخطيب البغدادي عن ابن شاهي عن جده أنها كانت عبارة عن كتب لجده وجدها ورواها عنه ١.
وقد بدأ بالسماع سنة ثمان وثلاثمائة، وكان عمره وقت ذاك إحدى عشرة سنة.
شيوخه وتلامذته:
سمع من محمد بن محمد بن الباغندي، وشعيب بن محمد الذراع، ومحمد بن هارون المُجَدِّر. وغيرهم من الأئمة.
ومن تلامذته، ابنه عبيد الله، ويعتبر ناقل علم أبيه، والإمام البرقاني لكنه لم يستكثر منه زهدًا فيه. وأبو القاسم التنوخي، وخلق كثير.
_________
١ الوجادة نوع من أنواع التحمل المعتبرة عند علماء الحديث. وقد أكثر المصنف في نقل المعلومات عن جده بهذا النوع.
قال في الضعفاء (ص ٤١) قرأت في كتاب جدي عن ابن رشدين ... ونقل الخطيب البغدادي جملة من الأخبار عن ابن شاهين عن جده بهذه الكيفية.
انظر مثلًا: تاريخ بغداد (٦/١٨٦/٢٧٣، ٧/٩٠/٣٣٩/٣٥٣/.) .
1 / 6
ثناء العلماء عليه:
قال الإمام الدارقطني: ابن شاهين يلج على الخطأ، وهو ثقة.
وقال الأزهري: ثقة، عنده عن البغوي سبعمائة جزء.
وقال ابن ماكولا: ثقة مأمون، سممع بالشام وقارس والبصرة، جمع الأبواب والتراجم، وصنف شيئًا كثيرًا. وقد عيب عليه أنه كان يصنف ولا يقابل، ثقة في نفسه، ومن أجل هذا وقع في أوهام وتصحيفات قبيحة سأبينها عند الكلام على منهجه في هذا الكتاب.
مصنفاته:
يعتبر المصنف من الذين شاركوا في كثير من العلوم الشرعية، ومن المكثرين في التصنيف، وقد قال عن نفسه:
سنفت ثلاثمائة وثلاثين مصنفًا، منها التفسير الكبير ألف جزء، والمسند ألفا وثلاثمائة جزء، والتاريخ مائة وخمسين جزءًا. والزهد مائة جزء ١.
وقال ابن أبي الفوراس: جمع وصنف ما لم يصنفه أحد.
قلت: ولم نقف إلا على اليسير من مؤلفاته، ومعظم المؤلفات التي ذكرها هو أو غيره ما زالت في عالم المجهول، ولا نستطيع القطع بفقدانها، ولعل الله ييسر لنا الوقوف على بعض ما كنا نقرأ عن أسمائها دون أن نقف على أعيانها.
فمن مؤلفاته التي وقفت على أسمائها أو أعيانها مما يلي:
١ـ الأفراد. جزء منه مخطوط في الظاهرية.
_________
١ قال الحافظ الذهبي: الجزء عشرون ورقة. سير أعلام النبلاء (٢/٥٥٨) .
1 / 7
ذكرت هؤلاء في كتابي هذا على مثل ما ذكرت الثقات.
قلت: يعني في الترتيب والاعتماد على أقوال النقاد الذين ذكرهم في مقدمة كتابه «تاريخ أسماء الثقات» .
ويبقى الكتاب الذي بين أيدينا لإثبات منهج المؤلف، فقد رجعت إلى تراجم الرواة فيه فقارنت بين حكمه وحكم غيره في الرواة الذي بلغ عددهم ثمان وستين ترجمة فوجدته تساهل في الحكم على سبع تراجم فقط أما الباقي فقد وافق غيره من النقاد، والذي تساهل فيه يعادل عشر الكتاب تقريبًا وهو قليل، والقليل يوهب للكثير الذي أصاب فيه. وثبت لي أن الإمام الذهبي حين جعله في مرتبة المعتدلين كان موفقًا في حكمه والله أعلم.
التعريف بالكتاب:
عنوان الكتاب هو «المختلف فيهم»: وهو عبارة عن الرواة الذي اختلف النقاد في توثيقهم وتضعيفهم، وقد حكم المؤلف عليهم تبعًا لما ترجح له عن الأقوال، ويظهر لي من خلال تتبعي لهذا النوع من المصنفات أنه كان من أوائل الذين تطرقوا لهذا النوع من التصنيف، ولم يسبقه أحد غير ابن حبان (ت٣٥٤هـ) في كتاب سماه «الفصل بين النقلة» وأشار إليه في «كتاب التثات ٦/٢٧» في ترجمة إراهيم بن طهمان حيث قال: " له مدخل في الثقات ومدخل في الضعفاء، وقد روى أحديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرد عن الثقات بأشياء معضلات سنذكره إن شاء الله تعالى في كتاب «الفصل بين النقلة» إن قضى الله ذلك، وكذلك كل شيخ توقفنا في أمره ممن له مدخل في الثقات والضعفاء جميعًا ".
وممن ألف في هذا النوع من المتأخرين الحافظ المنذري (ت ٦٥٦هـ) حيث عقد فصلًا في آخر كتابه «الترغيب والترهيب (٤/٣٦٧») ذكر الوراة المهتلف فيهم المشار إليهم في هذا الكتاب، إلا أنه لم يجتهد فيهم كما
1 / 8
اجتهد ابن شاهين، بل نقل أقوال النقاد المضعفين والموثقين وهو لا يختلف عن غيره من كتب التراجم إلا في العنوان فقط١.
«منهج ابن شاهين في كتابه»:
حوى الكتاب «٦٨» ترجمة ممن ذكرهم في الثقات وأعادهم في الضعفاء، ويظهر لي أن أحدًا من تلاميذه أخرج جماعة من الرواة المذكورين في الكتابين ثم عرضها على المؤلف ليعطي حكمًا نهائيًا عن ذلك الراوي، وقد صدَّر الرواة بعبارة «روى ابن شاهين» في كل ترجمة من تراجم هذا الكتاب، وبعد إيراد التضعيف والتوثيق. يبدأ حكم ابن شاهين بعد عبارة «قال أبو حفص»: وقد أجاد المؤلف في حمنه على العموم إلا أنه تساهل في تراجم محدودة بينتها في مواضعها أثناء التحقيق.
أنظر مثلًا رقم: - ٥ - ٢٤ - ٢٥ ـ
ووقع في أوهام شنيعة أدى ذلك إلى إصدار حكم مخالف للجمهور، وقد بينت ذلك أيضًا في مواضعها أثناء التحقيق.
أنظر مثلا الترجمة رقم: - ٢٠ - ٣٨ - ٤١ - ٤٧
وهاتين الملاحطتين تؤكد قول القائل: أنه كان يلج على الخطأ. وقد وقع في هذه الأخطاء، لأنه كان لا يقابل ما كان يكتبه بعد الفراغ منه، ثقة في نفسه. ثم إن جلَّ اعتماده على قولين لإمام واحد، أو قول واحد لإمامين في راوٍ واحد، ولو أنه تتبع أقوال الأئمة، واتسع صدره لإيرادها لما وقع منه التساهل، ولأعطى صورة واضحة، ولكنه لم يفعل.
وقد رتبه على حروف المعجم إلا أنه لم يلتزم الترتيب الدقيق، وهذه عادته
_________
١ أفرده الأستاذ ماجد بن محمد بن أبي الليل، وطبعه مع رسالة المنذري في الجرح والتعديل.
1 / 9
في كتبه الثقات والضعفاء، فهو يذكر مثلًا حرف الحاء، ويذكر ترجمة حماد ابن نجيح، ثم الحجاج بن أرطأة، ثم الحكم بن ظهير، وهكذا.
وصف النسخة: اعتمدت في تحقيقي لهذا الكتاب على نسخة ابن يوسف بمراكش، وهي نسخة تكاد تكون كاملة، وفيها نقص يسير، وقد اعتمدت في استدراك ذلك النقص من النسخة المطبوعة مع كتاب تاريخ جرجان للسهمي، وهي نسخة ناقصة بمقدار الثلثين، أو أكثر، وقد عانيت أثناء تحقيقي مصاعب جمة، لأن النسخة المتوفرة لدي فيها تداخل في التراجم، وهذا التداخل كان في أصل المخطوط.
مثال ذلك:
ذكر في ترجمة عبد الله بن عمر العمري، أن يحيى بن معين قال: ابن ثوبان أصله خراساني نزل الشام ... أنظر الترجمة رقم (١٩) في المخطوط.
وابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت، وليس له تعلق بترجمة عبد الله العمري، وفي ترجمة ابن ثوبان في أصل المخطوط، لم يذكر فيه شيئًا. بل ذكر اسمه، وذكر بعده ترجمة نصر بن باب.
وقد عملة جهدي لإلحاق كل عبارة في مكانها الحقيقي، وأحسب أني وفقت في ذلك بحمد الله تعالى.
نسبة الكتاب للمؤلف:
اعتمد الحافظ ابن حجر ﵀ على هذا الكتاب ونقل منه عددًا من التراجم التي رجح المسنف فيها جانبًا من جوانب الجرح والتعديل.
فمن تلك المواضع ما ذكره في ترجمة أسد بن عمرو البجلي، إلا أنه لم يسم الكتاب بل نقل ترجيح ابن شاهين، أنظر الترجمة رقم «٢» ويقارن
1 / 10
٢ـ الأمالي.
٣ـ تاريخ أسماء الثقات. ط بتحقيق السامرائي، ومرة أخرى بتحقيق القلعجي.
٤ـ تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين، ط بتحقيقي.
٥ـ الترغيب في فضائل الأعمال. حققه د. صالح الوعيل لنيل درجة الدكتوراه وهو مطبوع.
٦ـ جزء فيه أحاديث ابن شاهين عن شيوخه.
٧ـ ذكر من اختلف في توثيقه وتضعيفه. وهو كتابنا هذا وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل.
٨ـ فضائل شهر رمضان.
٩ـ كتاب الجنائز.
١٠ـ كتاب الصحابة، ذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (١١/٣٢٤) .
١١ـ كتاب الصلاة.
١٢ـ كتاب الناسخ والمنسوخ.
١٣ـ الرباعيات، منه نسخة مصورة لدى الشيخ حماد بن محمد الأنصاري برقم (٥٣٠) .
١٤ـ فضائل فاطمة ﵂ طبع بتحقيق أبي إسحاق الحويني وهو جزء صغير.
وقد استوعب د. صالح الوعيل - ذكر مؤلفات ابن شاهين في مقدمة تحقيقه لكتاب الترغيب في فضائل الأعمال. فأغني عن ذكره في هذه العجالة.
1 / 11
وفاته:
قال العتيقي: مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ١.
منهج المؤلف في الجرح والتعديل:
يعتبر المؤلف من الطبقة المعتدلة في طبقات النقاد الذين تكلموا في تضعيف الرواة، وتوثيقهم حسبما قرره الإمام الذهبي ﵀.
إلا أن من يقرأ كتابه "الثقات" يلمس من خلال تتبعه للتراجم أنه من طبقة النقاد المتساهلين، لأنه ينقل في كتابه عن النقاد عبارات تساهلوا فيها، وربما يكون لهم قول آخر أشدّ مما نقله عنهم في ذلك الراوي فلا ينقله، أو يكون للنقاد الآخرين كلامًا يخالف أقوال من نقل عنهم التوثيق فلا ينقله.
مثال ذلك:
قال المؤلف في ترجمة "إراهيم بن طهما" قال ابن معين: ثقة. وقال مرة أخرى: صالح.
ونجد غير ابن معين يقول فيه: ضعيف مضطرب في الحديث.
فالمؤلف اختار قول ابن معين على قول ابن عمار الذي ضعفه.
وقال في ترجمة: الأحوص بن جوَّاب: قال يحيى في رواية عباس عنه: أبو جوَّاب، ثقة. وهو أحوص بن جوَّاب.
بينما نجد لابن معين قولًا آخر رواه ابن أبي خيثمة عنه: ليس بذلك
_________
١ مصادر ترجمته.
تاريخ بعداد (١/٣٦٥)، تذكرة الحفاظ (٣/٩٨٧)، سير أعلام النبلاء (١٦/٤٣٣)، طبقات المفسرين للداودي - (٢/٢)، العبر (٣/٢٩)، غاية النهاية في طبقات القراء (١/٥٨٨)، الإكمال لابن ماكولا (٤/٢٩١)، شذرات الذهب (٣/١١٧) .
1 / 12
القوي، فتصرف المؤلف في كتابه يوحي بأن شرطه في كتاب الثقات نقل التوثيق فقط دون اعتبار التضعيف.
ولو انتقلنا إلى كتابه الثاني "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" فإننا نجد أنفسنا أمام إمام متشدد. إذ أنه ينقل في الرواة المترجم لهم عبارات الجرح فقط، ولا يعتبر فيهم توثيق من وثقهم من النقاد، لأن موضوع الكتاب جمع أسماء الرواة الذين ضعفهم النقاد، فتردد المؤلف بين طبقتين من طبقات النقاد. طبقة المتساهلين في كتاب الثقات، وطبقة المتشددين في كتاب الضعفاء. وللخروج من هذا التناقض يجب استبعاد الكتابين عن الدراسة لإثبات منهج المؤلف في الجرح والتعديل، لأنه كان مجرد ناقل لأقوال الأئمة الذين سبقوه. ولم يكن ناقدًا بمعنى المفهوم المصطلح عليه. وقد أدرك الحافظ ابن حجر هذه الاحقيقة، فكان يقول إذا أراد نل معلومة من الكتابين:
ذكره ابن شاهين في الثقات، أو: ذكره في الضعفاء، ولا يقول: وثقه ابن شاهين، أو ضعفه ابن شاهين، والفرق شاسع بين العبارتين.
وقد أثبت المؤلف ﵀ لنفسه صفة النقل دون النقد، وذلك في مقدمة كتابيه حيث قال في مقدمة كتابه "تاريخ أسماء الثقات":
" كتاب الثقات ممن روى الحديث ممن انتهى إلينا ذكره عن نقاد الحديث ممن قبلت شهادته واشتهرت عدالته، وعرف، ونقل، مثل يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعثمان بن أبي شيبة، وحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وأحمد بن صالح، ومثل من تقدمهم، ومثل من قاربهم١"
وقال في مقدمة كتاب "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين".
_________
١ تاريخ أسماء الثقات (ص٢٥) .
1 / 13
بلسان الميزان (١/٣٨٤)، وهذا الترجيح مأخوذ قطعًا من كتاب المختلف فيهم. والترجمة رقم (٤) ويقارن بتهذيب التهذيب (٢/٩٧) والترجمة رقم (١١)، ويقارن بتهذيب التهذيب (٣/١٦٩) حيث صرح باسم الكتاب في هذين الموضعين.
نماذج من أحكامه التي تدل على اعتداله.
قال المؤلف في ترجمة:
١ـ «أبان بن أبي عياش»:
" وقد روى عن أبان نبلاء الرجال فما نفعه ذلك، ولا يعتمد على شيء من روايته إلا ما وافق عليه غيره، وما تفرد به من حديث فليس عليه عمل ".
قلت: وقول المؤلف هنا لا يخرج عن قول غيره. فأبان متروك، ولا يعتمد عليه في شيء من الروايات إذا انفرد، وأشار الإمام الذهبي إلى أن أبا داود أخرج له مقرونًا بغيره ١.
وقال في ترجمة:
٢ـ «أسد بن عمرو البجلي»:
ويزيد بن هارون في الطبقة العليا على ابن عمار، وقوله: لا بأس به، ليس مثل قول يزيد: لا تحل الرواية عنه.
قلت: اختيار المؤلف لقول يزيد بن هارون، وافقه اختيار الذهبي " ضعيف " ٢.
وقال في ترجمة:
٣ـ «الحجاج بن أرطأة»:
_________
١ الكاشف: (١/٧٥) .
٢ ديوان الضعفاء: (١٩) .
1 / 14
إن للأسانيد نقادًا، فإذا لم يعرف الإنسان ما يكتب، وما يحدث به نسب إلى الضعف.
قلت: وهذا القول وافقه الحافظ ابن حجر حيث قال: حجاج، صدوق كثير الخطأ والتدليس ١.
وقال في ترجمة:
٤ـ «يونس بن خباب»:
وهذا الكلام من يحيى - يعني قول يحيى - في يونس أقرب عندي، لأنه من اشتهر ببدعته في السب للسلف، ولا أحب توثيقه في حديث رسول الله ﷺ، وقد ذكر عن يونس بن خباب أنه كان يتناول عثمان ﵁.
وقال في ترجمة:
٥ـ «فرقد السبخي»:
له كلام في الزهد والرقائق، وهو رجل صالح إن شاء الله، وأما في الحديث ونقل علم رسول الله ﷺ، فهو شيء آخر، وليس ممن يدخل حديثه في الصحيح.
«عملي في الكتاب»:
أولًا: قمت بنسخ الكتاب، وتصحيح الأخطاء التي وقفت عليها، وألحقت العبارات الساقطة وجعلتها ضمن معقوفتين، وأشرت إلى مصدر تلك العبارات في الحاشية.
ثانيًا: قمت بإعادة ترتيب التراجم ترتيبًا منطقيًا، لأن التراجم في الأصل
_________
١ تقريب التهذيب: (١/١٥٢) .
1 / 15
كانت متداخلة، وجعلت لكل ترجمة رقمين، الرقم العلوي يعني الترتيب الذي عملته، والرقم الذي في أسفل الرقم الأول يعين ترتيب الأصل.
ثالثًا: عزوت العبارات التي أوردها المصنف نقلًا عن غيره إلى مصادرها الأصلية، وبينت مواضع تلك العبارات في كتابيه (الثقات والضعفاء) .
رابعًا: نبهت على الأوهام التي وقع فيها المؤلف، واستدللت على تلك الأوهام بأقوال غيره من النقاد.
خامسًا: بينت المواضع التي تساهل فيها المؤلف، وذكرت ما ترجح لدي من الأقوال:
سادسًا: عملت فهرسًا للرواة، وآخر للمصادر التي اعتمدت عليها في تحقيق النص.
وفي الختام أرجو أن أكون ممن استطاع اظهار تراث كاد أن يندثر، وأن يكون هذا العمل خالصًا لله تعالى، وخدمة لسنة نبيه ﷺ.
كتبه:
د. عبد الرحيم بن محمد القشقري
حرر في ١/٤/١٤١١هـ
1 / 16
المختلف فيهم
...
بسم الله الرحمن الرحيم
«رب يسر برحمتك»
حدث القاضي الشريف: أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن المهتدي بالله إجازة وغيره، عن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان ابن شاهين الواعظ ﵀ قال: " ذكر من اختلف العلماء، ونقاد الحديث فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ومن قيل فيه قولان، بينت ذلك بالتراجم ليعرف إن شاء الله ".
ذكر أبان بن أبي عياش والخلاف فيه
روى ابن شاهين بإسناده١ عن شعبة قال: " لولا الحياء من الناس ما صليت على أبان بن أبي عياش.
وروى النضر بن شميل عنه أيضًا أنه قال: " لأن أقطع الطريق أحب إليَّ من أن أروي عن أبان ".
وعن علي بن مسهر قال: سمعت أنا وحمزة الزيات، من أبان بن أبي عياش نحوًا من ألف حديث، قال: فأخبرني حمزة أنه رأى النبي ﷺ في المنام فعرضها عليه، فما عرف منها إلا اليسير - خمسة أو أقل أو أكثر. قال: - فتركت الحديث عنه.
وعن أحمد بن حنبل أنه قرأ عليه ابنه عبد الله، حديث عباد بن عباد فلما انتهى إلى حديث أبان بن أبي عياش قال: اضرب عليها ٢.
_________
١ الإسناد أورده المؤلف في كتاب الضعفاء في ترجمة أبان، وكذلك رواية النضر وعلي بن مسهر. انظر (ص٤٥) .
٢ العلل ومعرفة الرجال: (١/٢٠٨) .
1 / 19
وعن يحيى بن معين قال: أبان بن أبي عياش، مترك الحديث ١.
وعن ابن عائشة قال: قال رجل لحمد بن سلمة: يا أبا سلمة تروي عن أبان بن أبي عياش.؟ قال: وما شأنه؟ قال: إن شعبة لا يرضاه، قال: فأبان خير من شعبة.
قال أبو حفص: وهذا الكلام من حماد بن سلمة في تفضيل أبان على شعبة فيه إسراف شديد، وليس هذا الكلام بمقبول. شعبة أفضل، وأنقل، وأعلم. وقد روى عن أبان نبلاء الرجال فما نفعه ذلك، ولا يعتمد على شيء من روايته إلا ما وافقه عليه غيره، وما تفرد به من حديث فليس عليه عمل. وممن روى عنه من الثقات:
سفيان الثوري، وحماد بن سلمة، والفضيل بن عياض، وطالب بن حجير، ومهدي بن هلال الراسبي، والماضي بن محمد، وخليل بن مرة، ومطرف بن طريف، وحمزة بن حبيب الزيات، وسابق بن عبد الله البربري، وأبو حنيفة، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، ومحمد بن جحادة، وموسى بن خلف، وسعيد بن بشير، ونافع بن يزيد، وزياد بن سعد، ومغيرة السراج، وداود بن الزبرقان، وإسماعيل بن عياش، وموسى بن عقبة، وهشام بن الغاز، وأبو إسحاق الفزاري*، وهياج بن بسطام، وزفر بن الهذيل، وجعفر الأحمر، وأبو عبيدة مجاعة الزبير ٢.
_________
١ وقال الإمام أحمد: متروك الحديث، وترك الناس حديثه مذ دهر من الدهر. العلل ومعرفة الرجال (٢/١٦١)، التاريخ لابن معين (٢/٦) .
* تبدأ النسخة من عبارة - الفزاري. وما قبله، من النسخة المطبوعة من تاريخ جرجان.
٢ قول المؤلف: ممن روى عنه من الثقات، فيه نظر، لأن الذين أوردهم ليسوا كلهم ثقات بل فيهم ضعفاء، وهم:
١ـ مهدي بن هلال، قال الإمام الذهبي: متهم بالوضع، وأورده المصنف في الضعفاء ونقل فيه قول ابن معين: كذاب.
الضعفاء (١٧٣) رقم (٦٠٤)، ديوان الضعفاء (٣٠٩) .
٢ـ الماضي بن محمد، الغافقي. ضعيف من التاسعة. تقريب التهذيب (٢/٢٢٣) .
٣ـ الخليل بن مرة - الضبعي. ضعيف من السابعة. تقريب التهذيب (١/٢٢٨) .
٤ـ سعيد بن بشير - البصري. ضعيف من الثامنة. تقريب التهذيب (١/٢٩٢) .
٥ـ داود بن الزبرقان. متروك، وكذبه الأزوي من الثامنة. تقريب التهذيب (١/٢٣١) .
٦ـ هياج بن بسطام - التميمي، ضعيف من السابعة. تقريب التهذيب (٢/٣٢٥) .
٧ـ مجاعة بن الزبير - ضعفه الدارقطني. ديوان الضعفاء (٢٦٢) .
1 / 20
أسد بن عمرو البجلي. قاضي واسط والخلاف فيه
روى ابن شاهين بإسناده عن يزيد بن هارون أنه قال: " لا تحل الرواية عنه ١.
وعن عثمان بن أبي شيبة أنه قال: " هو والريح سواء، لا شيء في الحديث، إنما كان يبصر الرأي ".
وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: " أسد بن عمرو البجلي. صاحب رأي لا بأس به ".
قال: أبو حفص: وليس كلام محمد بن عبد الله بن عمار بتزكية حجة على قول يزيد بن هارون، وعثمان بن أبي شيبة أعلم بأسد بن عمرو من ابن عمار، لأن ابن عمار موصلي، ويزيد بن هارون واسطي، وعثمان بن أبي شيبة كوفي فهما أعلم به ٢.
ويزيد بن هارون في الطبقة العليا على ابن عمار، وقوله: لا بأس به ليس مثل قول يزيد: لا تحل الرواية عنه ٣.
_________
١ في كتاب الضعفاء (ص ٤٦) الترجمة رقم (٢) .
٢ يقصد المؤلف بعبارته هذه، أن أسد بن عمرو كوفي، وعثمان بن أبي شيبة كذلك وبلدي الرجل أدرى بابن بلده، أما كونه واسطيًا فلأنه تولى القضاء بواسط وعاش فيها دهرًا، فمن هنا كان يزيد بن هارون أعرف به من ابن عمار الموصلي.
٣ يفهم من تصرف المؤلف أنه يرجح قول يزيد بن هارون، لا تحل الرواية عنه. ولكنه يعكر عليه إيراده لصاحب الترجمة ترجمة في كتابه الثقات تحت رقم (١٠٥) . حيث نقل عن ابن معين إنه قال: ثقة، وعن الإمام أحمد أنه قال: صدوق، وفي كتابه الضعفاء اكتفى بالقولين الواردين عن يزيد بن هارون، وعثمان بن أبي شيبة، وذكر الحافظ ابن حجر أن ابن عمار له قول آخر، وأنه قال: صاحب رأي ضعيف الحديث. قال: يمكن الجمع بين كلامية - أي بين كلامي ابن عمار الموصلي - بأنه أراد بقوله: لا بأس به. أنه لا يتعمد، وأنه تغير لما ضعف بصره فضعف حفظه. انظر تاريخ بغداد (٧/١٦)، لسان الميزان (١/٣٨٤) .
1 / 21
جابر الجعفي. والخلاف فيه
روى ابن شاهين أن عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت سفيان الثوري يقول: " ما رأيت أحدًا أورع في الحديث من جابر، ولا منصور ١ ".
وعن سلام بن أبي مطيع أنه قال: قال لي جابر الجعفي: " عندي خمسون ألف باب من العلم ما حدثت به أحدًا " فذكرت ذلك لأيوب فقال: أما الآن فهو كاذب٢.
وعن زائدة أنه قال: " كان جابر الجعفي كذابًا يؤمن بالرجعة ".
وعن أبي حنيفة أنه قال: " ما رأيت أحدًا أكذب من جابر، ولا أفضل من عطاء ".
وعن يحيى بن معين أنه قال: " جابر الجعفي لا يكتب حديثه ولا كرامة ".
وقال يحيى مرة أخرى: جابر الجعفي ليس بشيء ٣.
قال أبو حفص: وهذه الروايات في جابر مختلفة جدًا. يقول الثوري: لم أر أورع منه في الحديث، ويقول أيوب السختياني: هو كذاب، ويقول زائدة وأبو حنيفة: هو كذاب، ويقول يحيى بن معين: كذلك
_________
١ الثقات (ص٥٦) الترجمة رقم (١٧٠) .
٢ تهذيب التهذيب (٢/٤٨) .
٣ التاريخ لابن معين (٢/٧٦)، الضعفاء لابن شاهين (٦٥) .
1 / 22
وأقل ما في أمر هذا الرجل، أن يكون حديثه لا يحتج به إلا أن يروي حديثًا يشاركه فيه الثقات، فإذا انفرد هو بحديث لم يعمل به لتفضيل سفيان له ١.
ذكر جعفر بن سليمان الضُّبَعِيُّ
روى ابن شاهين، أن يحيى قال في رواية يزيد بن الهيثم عنه: جعفر بن سليمان الضبعي، ثقة يتشيع وليس به بأس٢. وفي رواية العباس بن محمد عنه أنه قال: ثقة، وأن يحيى بن سعيد القطان كان لا يكتب حديثه ٣.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: هو ضعيف ٤.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف في جعفر من ابن عمار في ضعفه، ومن يحيى بن سعيد في تركه لعلَّة المذهب. لأنه يُروى عنه أنه قيل له: تشتم أبابكر وعمر؟ فقال شتمهما لا ولكن بغضًا، ما شئت٥. وهو أستاذ عبد الرزاق.
_________
١ أرى أنه ضعيف لا يحتج به سواء شاركه الثقات أم لا. لأنه إذا نفرد فهو ضعيف، وإذا شاركه الثقات فنأخذ بأحاديثهم وندع هذا أما الثوري فليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء. بل كان يؤدي الحديث على ما سمع لأنه يرغب الناس في كتابه الأخبار، ويطلبوها في المدن والأمصار.
انظر المجروحين (١/٢٠٩) .
٢ الثقات (ص٥٥)، الترجمة رقم (١٦٦) .
٣ التاريخ (٢/٨٦) .
٤ الضعفاء لابن شاهين (٦٦)، الترجمة رقم (٩٣) .
٥ قال ابن عدي: سمعت الساجي يقول: وأما الحكاية التي رويت عنه - يعني حكاية شتم الشيخين - إنما عنى به جارين كانا له، وقد تأذى بهما، يسمى أحدهما أبابكر، ويسمى الآخر عمر، فسئل عنهما فقال: السب لا، ولكن بغضًا يا لك، ولم يعن به الشيخين، أو كما قال.
قلت: والذي يدل على هذا القصد ما ذكره ابن عدي في ختام ترجمته حيث قال: وقد روى في فضائل الشيخين أيضًا كما ذكرت، وأحاديثه ليست بالمنكرة، وما كان منها منكرًا فلعل البلاء فيه من الراوي عنه.
وقال الإمام الذهبي تعقيبًا على الساجي: ما هذا ببعيد. جعفر قد روى أحاديث من مناقب الشيخين ﵄ ... انتهى بتصرف.
انظر الكامل (٢/٥٦٨)، ميزان الاعتدال (١/٤١٠)، تهذيب التهذيب (٢/٩٥) .
1 / 23
وقيل لعبد الرزاق: ممن أخذت التشيع؟ فقال: من جعفر بن سليمان، وما رأيت من طعن في حديثه إلا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي [بقوله جعفر بن سليمان. ضعيف] ١.
الحارث الأعور، والخلاف فيه
ذكر ابن شاهين بإسناده عن مغيرة، وجرير بن حازم عن الشعبي أنه قال: الحارث الأعور من أحد الكذابين.
قال أبو حفص: وفي هذا الكلام من الشعبي في الحارث نظر، لأنه قد روى هو أنه رأى الحسن والحسين يسألان الحارث عن حديث علي، وهذا يدل على أن الحارث صحيح في الرواية عن علي، ولولا ذلك لما كان الحسن والحسين مع علمهما وفضلهما يسألان الحارث، لأنه كان وقت الحارث من هو أرفع من الحارث من أصحاب علي، فدل سؤالهما للحارث على صحة روايته.
ومع ذلك فقد قال يحيى بن معين: ما زال المحدثون يقبلون حديثه. وهذا من قول يحيى بن معين الإمام في هذا الشأن، زيادة لقبول الحارث وثقته، وقد وثقه أحمد بن صالح المصري إمام أهل مصر في الحديث، فقيل لأحمد بن صالح، قول الشعبي: حدثنا الحارث وكان ابن شاهينقال أحمد بن صالح: لم يكن يكذب في الحديث. إنما كان كذبه في رأيه٢.
_________
١ ما بين القوسين زيادة من تهذيب التهذيب (٢/٩٧) .
٢ الضعفاء لابن شاهين (٦٩) رقم (١٠٤)، الثقات (٧١) رقم (٢٨٢) .
قلت: قال الدوري عن ابن معين: لا بأس به.
وفي رواية الدارمي عنه: ثقة. وتعقبه الدارمي بقوله: لا يتابع عليه، وقد نقل الإمام الذهبي عن ابن معين أنه قال: ضعيف.
ومعنى هذا أن الإمام يحيى بن معين وافق غيره من الأئمة في تضعيف الحارث، أما توثيق أحمد بن صالح فلا يعتمد عليه، لأنه خالف جماعة من أئمة النقد منهم الإمام النسائي، وأبو حاتم الرازي والدارقطني وابن حبان، والحق في أمره أنه ضعيف يتقوى حديث إذا وجدنا له متابعًا. وقد روى له النسائي حديثًا واحدًا في السنن مقرونًا بابن ميسرة وآخر في اليوم والليلة متابعة.
أما تكذيب الشعبي وغيره فيحمل على أنه كان يكذب في حكايته، أو في رأيه أما الحديث فلا. وقد أورد الحافظ ابن حجر أقوال النقاد فيه وتوصل إلى أن الشعبي كذبه في رأيه، ثم قال الحافظ: في حديثه ضعف. ويرى الإمام ابن شاهين أنه ثقة. وهو تساهل منه ﵀.
انظر التاريخ لابن معين (٢/٩٣)، الدارمي (٩٠)، ميزان الاعتدال (١/٤٣٥)، تهذيب التهذيب (١/١٤٥)، تقريب التهذيب (١/١٤١) .
1 / 24
ذكر الحجاج بن أرطأة، والخلاف فيه
روى ابن شاهين، أن حماد بن زيد قال: قدم علينا جرير بن حازم من المدينة فأتيناه [فتحدثنا عنده] * فقال جرير: ثنا قيس بن سعد عن حجاج بن أرطأة، قال: فلبثنا ما شاء الله، ثم قدم علينا حجاج [ابن] ثلاثين أو إحدى وثلاثين - يعني سنة - فرأيت عليه من الزحام شيئًا لم أره على حماد بن أبي سليمان، [ورأيت] مطر الوراق، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، جثاة على ركبهم يقولون: يا أبا أرطأة ما تقول في كذا. ما تقول في كذا.
وعن يحيى بن معين أنه قال: الحجاج بن أرطأة. كوفي صدوق [وليس بالقوي] ١.
وعنه أنه سئل مرة أخرى عنه، فقال: ضعيف.
_________
* ما بداخل هذا القوس وما بعده من الأقواس ساقط من أصل المخطوط وقد أثبته من النسخة المطبوعة.
١ الثقات (٦٧) رقم (٢٥٠)، تهذيب التهذيب (٢/١٩٧) .
1 / 25
وعن زائدة أنه قال: اطرحوا حديث أربعة. حجاج بن أرطأة، وجابر [وحميد، والكلبي] ١.
قال أبو حفص: [وهذا الكلام في حجاج بن أرطأة] من مثل زائدة بن قدامة عظيم، وقد وافقه على ذلك يحيى بن معين في أحد قوليه، وأما ما ذكره حماد بن زيد في حجاج ونبله، وما رأى عِلْيَةً من العلماء يسألونه فليس بداخل في الروايات، لأنه حكى أنه سمعهم يقولون: ما تقول في كذا؟ يريد الفقه، وأبو حنفية، فقد كان من الفقه على ما لا يدفع من علمه فيه، ولم يكن في الحديث بالمرضي، لأن للأسانيد نقادًا، فإذا لم يعرف الإنسان ما يكتب وما يحدث به نسب إلى الضعف، والله أعلم بذلك ٢.
ذكر، الحكم بن ظهير، والخلاف فيه
ذكر أبو حفص بن شاهين، أن يحيى بن معين سئل عن الحكم بن ظهير؟ قال: ليس حديثه بشيء.
وقال يحيى مرة أخرى: يروى عنه مروان فيقول: الحكم بن أبي خالد ٣.
وعن عثمان بن أبي شيبة أنه قال: الحكم بن ظهير عندي صدوق، وليس ممن يحتج به، وكان غيه اضطراب وجفا الناس حتى استقصى ٤.
_________
١ الضعفاء لابن شاهين (١٤٩) رقم (١٤٩) .
٢ يفهم من كلام امصنف أنه يضعف الحجاج، ويفهم من تصرفه أنه يوثقه تارة - ولذا ذكره في النثفات - ويضعفه تارة أخرى ولذا ذكره في الضعفاء، وذكره الإمام الذهبي في معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد والحق فيه أنه لا يحتج بشيء من حديثه إلا بما صرح فيه بالسماع.
انظر. الجرح والتعديل (١/٢/١٥٦)، معرفة الرواة للذهبي (٨٥)، طبقات المدلسين (٣٧) .
٣ الضعفاء لابن شاهين (٧٥) رقم (١٣٩) .
٤ لم أقف على هذا القول في المراجع التي بين يدي، وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن أبي شيبة أنه قال: لو كان طباخ لحدثتكم عنه. وعن علي بن الحسين بن جنيد أنه قال: رأيت ابن أبي شبية لا يرضى الحكم بن ظهير، ولم يدخله في تصنيفه. الجرح والتعديل (١/٢/١١٩) .
1 / 26