Jarmalka Naasiga
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
Noocyada
وقد أجاز النازيون التعقيم بصفة اختيارية ما دامت الجراحة لا تعرض حياة الراغبين في إجرائها للخطر، وفي غير الظروف التي يثبت فيها أن الأفراد الذين يرغبون فيها، غير مصابين بعاهات أو أمراض يخشى انتقالها بالوراثة إلى ذراريهم، والسبب في هذا القيد أن القانون النازي كان يعتبر الإكثار من النسل واجبا تفرضه الدولة على المواطنين الأصحاء، أصحاب العقول والأجسام السليمة، كما كان يعتبر منع المرضى والمصابين بالعلل الوراثية من أن يتناسلوا من أهم وأقدس واجبات الدولة.
ولا شك في أن «قانون منع المصابين بالأمراض الوراثية من التناسل» كان من أخطر القوانين التي سنها النازيون وأقساها، فمن الناحية العلمية، لم يقطع علماء البيولوجيا برأي في أنواع الأمراض التي يمكن انتقالها بالوراثة، كما أنه من المتعذر تقدير مدى ضعف التفكير وإعمال الروية لدى أي إنسان، أو إقامة الدليل على أن رجلا من الرجال ضعيف العقل قاصر الذهن، قليل الإدراك، وكل هذه من الحالات التي كان النازيون يطلبون أن يعقم من أجلها أصحابها ولم يجد واضعو هذا القانون وسيلة للتمييز بين ذوي العقول السليمة وذوي العقول المضطربة سوى الالتجاء إلى ما يسمونه «اختبارات الذكاء»، وهي عبارة عن مجموعة من الأسئلة كانت تضعها الحكومة النازية وتطلب إلى الأفراد الذين تريد فحصهم الإجابة عليها، فإذا استطاعوا ذلك كانوا من أصحاب العقول الراجحة السليمة، أما إذا عجزوا كان التعقيم الإجباري من نصيبهم. غير أنه كان يحدث في حالات عدة أن «المرضى» كانوا يستطيعون الحصول على الإجابات المطلوبة في نظير رشوة يدفعونها عن طيب خاطر في سبيل التحرر من قسوة هذا القانون، ولما وجد النازيون أن كثيرين من خصومهم الذين أرادوا حرمانهم القدرة على التناسل نكاية بهم قد استطاعوا الإفلات من «اختبارات الذكاء»، ابتكروا مقاييس أخرى تمكنهم من تنفيذ مآربهم، فقال الهر هتلر: «إنه يكفي لإثبات حالات ضعف العقل، وقصور الذهن أن يوسم الفرد بالتفكير السطحي أو بعدم القدرة على تقليب وجوه الرأي في أمر من الأمور، أو بالانحلال الخلقي.» وهكذا عقم النازيون أكثر من 200000 شخص بسبب «ضعف عقولهم»، كما ادعوا. كما سيطروا بفضل هذا القانون وبفضل التفسيرات والاختبارات التي أعدوها على حياة ثمانين مليونا من الأنفس في دولة الريخ الثالث.
ولم يقنع النازيون بإجراء عمليات التعقيم والخصي للأشخاص الذين ينطبق عليهم القانون، بل اتخذوا من وجود هذا القانون ذريعة لإلقاء الرعب والفزع في قلوب أولئك المواطنين الذين اعتبرهم السادة النازيون أعداء للنظام القائم، فكان التعقيم والخصي إلى جانب القتل والعزل في مصحات الاعتقال من وسائل بسط نفوذهم وسلطانهم على ألمانيا.
ومع هذا كان النازيون يبررون ما يفعلون بأنهم إنما يريدون أن ينشئوا مجتمعا من السادة الصالحين لممارسة شئون الحكم في العالم، فهم من أجل إنشاء هذه الطبقة «النبيلة» لا يترددون في اتباع كل ما يرونه ضروريا للمحافظة على نقاء الدم وخلوص الجنس الآري من الشوائب. وللتأكد من أن الصالحين جثمانيا وعقليا وخلقيا هم وحدهم أصحاب الحق في أن يتناسلوا، وكان ذلك أهم ما دعا النازيين إلى إصدار ما سبق الحديث عنه من القوانين المتعلقة بالزواج.
ومما يدل على أن النازيين كانوا يريدون من سن هذه القوانين الصارمة أن يوجدوا مجتمعا من الرجال الأفذاذ المتعصبين للمبادئ النازية ولتعاليم الزعيم، والذين لا يعرفون غير الدولة الوطنية الاشتراكية الصميمة وطنا لا يحجمون عن أن يفتدوه بالمهج والأرواح، أن الزعماء النازيين حرصوا دائما على أن يختاروا جماعة الحرس المختارة
S. S.
الذين اصطفاهم الهر هتلر وانتقى منهم حراسه الخصوصيين الذين يسهرون على حياته من بين الذين نشئوا نشأة نازية صحيحة، وثبت نقاء جنسهم الآري وصلاحيتهم العقلية والخلقية حسب مقاييس الحزب. ولزيادة التأكد من أن طبقة النبلاء الجديدة من جنود الحرس، سوف تظل دائما بمنأى عن أن يلوثها بطريق المصادفة أو الخطأ امتزاج دم الأجناس الأخرى بدم أعضائها الآري النقي، أو انتقال أحد الأمراض المعدية إلى أفرادها وذرياتهم، لم يقنع النازيون بالقوانين القائمة المعمول بها في هذا الشأن، بل أصدروا أوامر وتعليمات خاصة طلبوا إلى جنود الحرس
S. S.
الخضوع لها والعمل بها. فأصدر «هنريك هيملر» في آخر ديسمبر 1931 أمرا جاء فيه: أولا: رجل الحرس
S. S.
Bog aan la aqoon