يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما .
وليست هذه جميع الآيات التي وردت في القرآن الكريم بإقامة البرهان على وجود الله، ولكنها أمثلة منها تجمع أنواعها، ونرى منها أنها قد أحاطت بأهم البراهين التي استدل بها الحكماء على وجوده: وهي براهين الخلق والإبداع وبراهين القصد والنظام، وبراهين الكمال والاستعلاء والمثل الأعلى.
ومما يستوقف النظر أن البراهين التي جاء بها القرآن الكريم وخصها بالتوكيد والتقرير هي أقوى البراهين إقناعا وأحراها أن تبطل القول بقيام الكون على المادة العمياء دون غيرها، ونعني بها؛ «أولا»: برهان ظهور الحياة في المادة
يخرج الحي من الميت ،
وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة «وثانيا»: برهان التناسل بين الأحياء لدوام بقاء الحياة
جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا ،
وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج .
فلم يحاول الماديون قط أن يفسروا ظهور الحياة في المادة الصماء إلا وقفوا عند تفسير الحاصل بالحاصل، أو تخبطوا في ضروب من الرجم بالغيب لا يقوم عليها دليل، وهم إنما يهربون من الإيمان بوجود الله لأنهم لا يصدقون بالغيب ولا يعتمدون غير المشاهدة وما هو في حكمها من دليل ملموس.
فمنهم من يفسر ظهور الحياة في المادة بأن المادة فيها طبيعة الحياة بعد التركيب والتناسق، وليس في هذا القول تفسير، بل هو بمثابة تفسير الواقع المحسوس بالواقع المحسوس.
وبعض العلماء كاللورد كلفن يرجح أن جراثيم الحياة قد انتقلت إلى الكرة الأرضية على نيزك من تلك النيازك الهائمة في الفضاء، ولكنه لا يستغني بهذا التفسير عن تعليل ظهور الحياة حيث انتقلت من موضعها إلى الكرة الأرضية، ولا يرى أن الحياة من نتاج المادة الصماء.
Bog aan la aqoon