Allah, Koonka iyo Aadanaha
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Noocyada
وماذا عن بولس الرسول الذي يحمل لقب مؤسس المسيحية، وكيف رأى مريم في رسائله التي تشكل عماد اللاهوت المسيحي؟ (ج):
بولس لم يتعرض لسيرة يسوع وإنما فسرها وأولها، ولم يذكر من أحداث حياته التي حفلت بها الأناجيل سوى العشاء الأخير؛ ولذلك فهو لم يأت على ذكر مريم لا من قريب ولا من بعيد. أما عن قوله بأن: «الله أرسل ابنه مولودا من امرأة ... إلخ» (غلاطية، 4: 4-5). فليس فيه إشارة إلى مريم بشكل خاص لأن كل كائن بشري يولد من امرأة. (س):
وماذا عن مكانة مريم في القرآن الكريم؟ (ج):
دعي يسوع في القرآن عيسى، وورد ذكره نحو 35 مرة، ولم يتفوق عليه في ذلك سوى إبراهيم وموسى، وقد حمل فيها جميعا لقب ابن مريم، وهو لقب لم يرد في العهد الجديد أبدا، لقد قال أهل الناصرة عندما تعجبوا من حكمة يسوع في إنجيل مرقس: «أليس هذا هو ابن النجار، ابن مريم وأخا يعقوب وموسى ويهوذا؟» (مرقس، 3: 6). ولكن هذا القول هو من قبيل التعريف بيسوع لا من قبيل إطلاق اللقب عليه. أما اسم مريم فقد ورد في القرآن نحو 43 مرة. ومريم هي المرأة الوحيدة التي ورد ذكرها في القرآن باسمها المجرد، بينما ورد ذكر بقية النسوة من خلال نسبتهن إلى أزواجهن؛ مثل: امرأة عمران، وامرأة لوط، وامرأة فرعون، وامرأة العزيز. وفي مقابل صمت الأناجيل عن أصل مريم ونسبها، فإن الرواية القرآنية تنسبها إلى سلسلة الأنبياء العظام في تاريخ الوحي، وإلى أسرة آل عمران المصطفاة:
إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض (آل عمران: 33-34). ومريم هي أشرف وأنبل نساء الأرض:
يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (آل عمران: 42). (س):
إذن الأناجيل المنحولة التي ظهرت بعد الأناجيل الأربعة هي التي سدت هذه الفجوة في المعلومات عن أصل مريم وحياتها قبل الحمل العذري. (ج):
نعم، لدينا إنجيلان منحولان اهتما بهذه المسألة؛ الأول إنجيل يعقوب التمهيدي الذي دون في أوساط القرن الثاني الميلادي، والثاني منحول متى الذي دون بعده. ويمكن تلخيص القصة الواردة في إنجيل يعقوب ومقارنتها بالقصة القرآنية وفق ما يأتي، علما بأن والد مريم يدعى عند يعقوب يواكيم وفي القرآن عمران:
إنجيل يعقوب:
كان يواكيم رجلا واسع الثراء من قبيلة يهوذا، ومتزوجا من حنة بنت عساكر التي عاش معها مدة طويلة دون أن يرزقا بولد. وفي أحد الأيام جاء إلى هيكل الرب ليقدم له قربانا، ولكن الكاهن رفض القربان لأن يواكيم لم يصنع له ذرية في إسرائيل، فمضى يواكيم واعتزل في البرية وراح يصوم ويصلي ويدعو ربه أربعين يوما، بينما كانت زوجته حنة تبكي في البيت وتندب عقمها. ثم إن ملاك الرب ظهر لحنة وقال لها: حنة، حنة. إن الرب سمع صلاتك، ولسوف تحبلين وتلدين وستلهج ألسنة المعمورة بذكر نسلك. فقالت حنة: حي هو الرب. إذا ما أنجبت طفلا، ذكرا كان أم أنثى، سوف أنذره للرب ليخدمه كل أيام حياته.
Bog aan la aqoon