الكشف المبدي
الكشف المبدي
Baare
رسالتا ماجستير للمحققَيْن
Daabacaha
دار الفضيلة
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٤٢٢ هـ
Sanadka Daabacaadda
٢٠٠٢ م
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
كلّ شيء قدير؟! فيتكلّم كيف شاء ومتى شاء، وقد أرانا الله ﷾ في الدُّنيا مثالًا؛ وهو الفوتوغراف؛ يتكلّم ويقرأ من غير لسان، وهو صنعة لبعض المخلوقين؛ فلله المثل الأعلى.
فلمّا لم يعقلوا كلامًا من غير جارحة؛ قالوا بالكلام النّفسيّ، ومنعوا أنّ الله ﷾ يكون قد أسمع موسى كلامه؛ بل خلق الكلام في الشّجرة! وأنّه لم يتكلّم بهذا القرآن العربيّ الذي نتلوه بألسنتنا ونكتبه بأيدينا في مصاحفنا؛ وقالوا: هذا القرآن مدلول كلام الله أو عبارة أو حكاية! وأنّه يُطلق عليه كلام الله مجازًا لا حقيقة! ومنعوا أنّ الله - تعالى - يُسمِع كلامه بعض خلقه؛ كما روى ذلك البخاريّ في «صحيحه»؛ عند تفسير قوله - تعالى - في سورة سبأ: ﴿حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم﴾، وكذلك سائر الصّفات منعوا إثباتها له - تعالى ـ؛ خوفًا من التّشبيه، وخفي عليهم ما قاله ابن عبّاس من أنّه: ليس شيء في الدّنيا يشبه ما في الجنة مما أعدّه الله لأوليائه المتّقين الصّالحين، إلَّا مجرّد الاشتراك في التّسمية. والحال: أنّ الله ﷾ يقول - وهو أصدق القائلين - في وصف الجنّة: ﴿فيهما فاكهة ونخل ورمّان﴾، ومن المعلوم أنّ الدّنيا فيها نخل ورمّان، ولكن لما كان النّخل ليس كالنّخل الذي في الجنّة ولا الرّمّان كالرّمان؛ عُلم منه أنّه محض اشتراك في التّسمية فقط. والمقصود: أنّ هؤلاء لمّا حكّموا عقولهم في النّصوص الشّرعيّة وأوّلوها بأهوائهم؛ ضلّوا وأضلّوا، ولم ينفعهم قولهم: «إنّ خصومنا لا يمكن ردّهم إلَّا بأدِلّة العقل، وأمّا النّصوص السّمعيّة فلا تجدي معهم نفعًا»؛ لأنّهم - في الحقيقة - لا للإسلام نصروا ولا لعدوهم كسروا؛ بل أوقعوا النّاس في الشّك والحيرة، ولو التزموا طريقة القرآن والسُّنّة؛ لكانوا هادين مهديّين، ناصرين للإسلام وأهله. فنسأله - تعالى - التّوفيق والعصمة.
وأمّا قول ابن حجر: «حتّى قام عليه بعض علماء زمانه؛ فكلّموا السّلطان في حبسه وقتله» .
فجوابه: هذا صحيح؛ وهذه سُنّة الله في حقّ كلّ مَن قام لله منتصرًا؛ لأجل أن يجعل له أسوة بالأنبياء والرّسل - صلوات الله تعالى وسلامه عليهم ـ؛ لأنّ
1 / 239