الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
Daabacaha
دار القلم
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
Noocyada
قال الصابوني: "بما أنزلت وبما أرسلت" (١).
قال المراغي: "وكذّبوا بها لسانا" (٢).
قال ابن عثيمين: "أي بالآيات الشرعية؛ وإن انضاف إلى ذلك الآيات الكونية زاد الأمر شدة؛ لكن المهم الآيات الشرعية؛ لأن من المكذبين الكافرين من آمنوا بالآيات الكونية دون الشرعية؛ فمثلًا كفار قريش مؤمنون بالآيات الكونية مقرون بأن الله خالق السموات، والأرض، وأنه المحيي، وأنه المميت، وأنه المدبر لجميع الأمور؛ لكنهم كافرون بالآيات الشرعية" (٣).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ [البقرة: ٣٩]، قولان:
أحدهما: أن" آيات الله فمحمد ﷺ". قاله السدي (٤).
والثاني: أنها القرآن. قاله سعيد بن جبير (٥).
قال ابن عطية: " وقال وَكَذَّبُوا وكان في الكفر كفاية لأن لفظة كفروا يشترك فيها كفر النعم وكفر المعاصي، ولا يجب بهذا خلود فبين أن الكفر هنا هو الشرك، بقوله وَكَذَّبُوا بِآياتِنا" (٦).
قال المراغي: " والتكذيب كفر سواء كان عن اعتقاد بعدم صدق الرسول، أو مع اعتقاد صدقه وهو تكذيب الجحود والعناد، وفي مثلهم يقول الله تعالى لنبيه: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾، وقد يوجد الكفر بالقلب مع تصديق اللسان كما هى حال المنافقين" (٧).
و﴿الآيات﴾ جمع آية، ومعنى الآية في اللغة: العلامة (٨)، ومنه قوله: ﴿تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ﴾ [المائدة: ١١٤] أي علامة منك لإجابتك دعاءنا، فكل آية من الكتاب علامة ودلالة على المضمون فيها. وقال أبو عبيدة: معنى الآية: أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها، وانقطاعه من الذي بعدها (٩)، وقال ثعلب عن ابن الأعرابي: الآية العلامة (١٠).
وقال الليث: الآية العلامة، والآية من آيات القرآن، والجميع: الآي، ولم يزد على هذا (١١). فالآية بمعنى العلامة في اللغة صحيحة.
قال الأحوص (١٢):
أَمِنْ رَسْمِ آيَاتٍ عَفَوْنَ وَمَنْزِلٍ ... قَدِيمٍ تُعَفِّيهِ الأَعاصِيرُ مُحْوِلِ
قال ابن السكيت وحكاه أبو عمرو يقال: "خرج القوم بآيتهم، أي بجماعتهم، لم يدعوا وراءهم شيئا" (١٣)، وقال بُرْج بن مُسْهِر (١٤):
(١) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤.
(٢) تفسير المراغي: ١/ ٩٣.
(٣) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٤١.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٨): ص ١/ ٩٤.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٩): ص ١/ ٩٤.
(٦) المحرر الوجيز: ١/ ١٣٢.
(٧) تفسير المراغي: ١/ ٩٣.
(٨) أنظر: "معجم مقاييس اللغة" (أبي) ١/ ١٦٨، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، و"فوائد في مشكل القرآن" ص ٦٨، "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦٦.
(٩) في "المجاز" لأبي عبيدة. (إنما سميت آية لأنها كلام متصل إلى انقطاعه، انقطاع معناه قصة ثم قصة (١/ ٥) وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧٢.
(١٠) لم أجده عن ابن الأعرابي، ويظهر أن الواحدي نقل الكلام وما بعده من "تهذيب اللغة"، ولم أجد بحث (آية) في المطبوع من "تهذيب اللغة"، انظر: "الغربيين" للهروي ١/ ١١٦، ١١٧، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(١١) انظر: "الصحاح" (أيا) ٦/ ٢٢٧٥، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٨، "مفردات الراغب" ص ٣٣، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥.
(١٢) هو الأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت، لشعره رونق وحلاوة أكثر في الغزل، وكان يشبب بنساء أشراف المدينة، فنفاه سليمان بن عبد الملك إلى (دهلك)، انظر: "الشعر والشعراء" ص ٣٤٥، "الخزانة" ٢/ ١٦.
(١٣) إصلاح المنطق" ص ٣٠٤، وانظر: "الزاهر" ١/ ١٧٣، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤، "زاد المسير" ١/ ٧١.
(١٤) قوله: نزجي: نسوق، واللقاح: النوق ذوات اللبن، والمطافل: النوق معها أولادها. ورد البيت في "إصلاح المنطق" ص ٣٠٤، "الزاهر" ١/ ١٧٢، "مقاييس اللغة" (أي) ١/ ١٦٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٥٧، "زاد المسير" ١/ ٧١، (الخزانة) ٦/ ٥١٥، "اللسان" (أيا) ١/ ١٨٥، "الدر المصون" ١/ ٣٠٨.
2 / 206