424

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

قال ابن عثيمين: " واستفهام الملائكة للاستطلاع، والاستعلام، وليس للاعتراض" (١).
وتعددت الأقوال في الغرض من سؤال الملائكة، على وجوه (٢):
أحدها: أن السؤال من الملائكة على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك. قاله الزجاج (٣).
والثاني: أن سؤالهم على غير وجه الإنكار منهم على ربّهم، وإنما سألوه ليعلموا، وأخبروا عن أنفسهم أنهم يسبحون.
والثالث: أنه سألته الملائكة على وجه التعجب. قاله ابن جريج (٤). قال الطبري: " وجه التعجب، فدعْوَى لا دلالة عليها في ظاهر التنزيل، ولا خبر بها من الحجة يقطعُ العذرَ" (٥).
والراجح، إن ذلك منها "استخبار لربها، بمعنى: أعلمنا يا ربنا أجاعلٌ أنت في الأرض مَنْ هذه صفته، وتارك أن تجعل خلفاءَك منا، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك - لا إنكارٌ منها لما أعلمها ربها أنه فاعل. وإن كانت قد استعظمتْ لما أخبرت بذلك، أن يكون لله خلقٌ يعصيه" (٦).
قوله تعالى: ﴿وَيَسْفِكُ الدمآء﴾ [البقرة: ٣٠]، أي: يريق الدماء بالبغي والاعتداء! ! " (٧).
قال البغوي: " أي كما فعل بنو الجان فقاسوا الشاهد على الغائب، وإلا فهم ما كانوا يعلمون الغيب" (٨).
وذكر أهل التفسير في قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء﴾ [البقرة: ٣٠]، وجوها:
أحدها: أن الجن بنو الجان كانوا في الأرض قبل خلق آدم، فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، ومعنى الآية: " أتجعل فيها من يفسد فيها كما أفسدت الجن، ويسفك الدماء، كما سفكوا".وهذا قول أبي العالية (٩)، والحسن (١٠)، وابن عباس (١١)، وروي عن عبدالله ابن عمر (١٢)، والربيع (١٣)، مثل ذلك.
قال الطبري: " فعلى هذا القول: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾، من الجن، يخلفونهم فيها فيسكنونها ويعمرونها" (١٤).
والثاني: أن الله أعلم الملائكة، أنه إذا كان في الأرض خلق، أفسدوا فيها وسفكوا الدماء". قاله قتادة (١٥)، والسدي (١٦)، وابن سابط (١٧).
والثالث: وقيل: أبصر بعض الملائكة خلق آدم وبعض الأمور في أم الكتاب. قاله أبو جعفر محمد بن علي (١٨).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿وَيَسْفِكُ الدمآء﴾ [البقرة: ٣٠]، على وجوه (١٩):

(١) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١١٣.
(٢) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٤٦٩ - ٤٧٠.
(٣) أنظر: معاني القرآن: ١/ ١٠٩.
(٤) أنظر: تفسير الطبري (٦١٦): ص ١/ ٤٦٩.
(٥) تفسير الطبري: ١/ ٤٧١.
(٦) تفسير الطبري: ١/ ٤٧٠.
(٧) صفوة التفاسير: ١/ ٤١.
(٨) تفسير البغوي: ١/ ٧٩.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢٢): ص ١/ ٧٧.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢٣): ص ١/ ٧٧.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٦٠١): ص ١/ ٤٥٠.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢١): ص ١/ ٧٧، والحاكم: ٢/ ٢٦١. قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (عن ابن عباس).
(١٣) أنظر: تفسير الطبري (٦٠٢): ص ١/ ٤٥٠ - ٤٥١.
(١٤) تفسير الطبري: ١/ ٤٥٠.
(١٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢٤): ص ١/ ٧٧ - ٧٨.
(١٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢٥): ص ١/ ٧٨.
(١٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٢٦): ص ١/ ٧٨، والطبري (٦٠٣): ص ١/ ٤٥١، و(٦٠٨): ص ١/ ٤٦٢.
(١٨) أنظر تفسير ابن أبي حاتم (٣٢٧): ص ١/ ٧٨. قال ابن أبي حاتم: " حدثنا أبي ثنا هشام الرازي ثنا ابن المبارك عن معروف- يعني ابن خربؤ المكي عمن سمع أبا جعفر محمد بن علي يقول: السجل ملك، وكان هاروت وماروت من أعوانه، وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب، فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور، فأسر ذلك إلى هاروت وماروت وكانا من أعوانه، فلما قال إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قالا ذلك استطالة على الملائكة".
(١٩) أنظر: المحرر الوجيز: ١/ ١١٧ - ١١٨.

2 / 165