251

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

والهداية قد يأتي في كلام العرب: بمعنى التوفيق (١)، فمن ذلك قول الشاعر (٢): لا تَحْرِمَنِّي هَدَاكَ الله مَسْألتِي ... وَلا أكُونَنْ كمن أوْدَى به السَّفَرُ يعنى به: وفَّقك الله لقضاء حاجتي. ومنه قول الآخر (٣): ولا تُعْجِلَنِّي هدَاك المليكُ ... فإنّ لكلِّ مَقامٍ مَقَالا فمعلوم أنه إنما أراد: وفقك الله لإصابة الحق في أمري. ومنه قول الله جل ثناؤه: ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، أي: " لا يُوفِّقهم، ولا يشرَحُ للحق والإيمان صدورَهم" (٤). وذكر السمين الحلبي وجوها في معنى (الهداية) (٥): أحدها: الإرشاد. والثاني: الدلالة. والثالث: التقدم، ومنه هوادي الخيل لتقدمها قال امرؤ القيس (٦): فألحقه بالهاديات ودونه ... جواحرها في صرة لم تزيل فقوله: الهاديات، أي: أوائل بقر الوحش. والرابع: التبيين نحو: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ [فصلت: ١٧]. أي بينا لهم. والخامس: الإلهام، نحو: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠] أي ألهمه لمصالحه. والسادس: الدعاء كقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧]، أي: داع. والسابع: وقيل هو الميل، ومنه ﴿إنا هدنآ إليك﴾ [الأعراف: ٥٦]، والمعنى: مل بقلوبنا إليك، قال السمين الحلبي: "وهذا غلط، فإن تيك مادة أخرى من هاد يهود" (٧). قال الحسن بن الفضل: " (الهدى) في القرآن على وجهين: الوجه الأول: هدى دعاء وبيان كقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، وقوله: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾ [الرعد: ٧]، و﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ﴾ [فصّلت: ١٧]. الوجه الثاني: هدى توفيق وتسديد كقوله: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾ [النحل: ٩٣]، وقوله: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦] " (٨). وأما ﴿الصراط﴾، ففيه ثلاثة أقوال (٩): أحدها: أنه السبيل المستقيم، ومنه قول جرير (١٠):

(١) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٦٧. (٢) لم أتعرف على قائله، والبيت من شواهد الطبري: ١/ ١٦٧، وفي أمالي المرتضى: ١/ ١٦٠، من ابيات لودقة الأسدي يقولها لمعن بن زائدة. (٣) نسبه المفضل بن سلمة في الفاخر: ٢٥٣، وقال: " أول من قال ذلك طرفة بن العبد، في شعر يعتذر فيه إلى عمرو بن هند "، وليس في ديوانه، وانظر أمثال الميداني ٢/ ١٢٥. (٤) تفسير الطبري: ١/ ١٦٧. (٥) انظر: الدر المصون: ١/ ٦٣. (٦) ديوانه: ٢٢، وانظر: شرح المعلقات السبع للزوزني: ٣١، إذ الرواية فيه (فالحقنا). وجواحرها، أي: متخلفاتها. لم تزيل: لم تتفرق. (٧) الدر المصون: ١/ ٦٣. (٨) تفسير الثعلبي: ١/ ١١٩. (٩) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٨. (١٠) ديوانه: ٥٠٧، يمدح هشام بن عبد الملك. والموارد جمع موردة: وهي الطرق إلى الماء. يريد الطرق التي يسلكها الناس إلى أغراضهم وحاجاتهم، كما يسلكون الموارد إلى الماء.

1 / 258