176

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

وظاهر القرآن أنه كان يسمى بذلك قبل ذلك، وكذا قيل، ولا دلالة فيه، لجواز أن يسمى بذلك باعتبار ما سيقع له، نعم روى الطبري عن ابن عباس قال: "كان اسم إبليس حيث كان مع الملائكة عزازيل ثم إبليس بعد" (١)، وهذا يؤيد القول (٢). والثالث: وذهب بعض الدَّارسين إلى أنَّها كلمة يونانية الأصل هي (ديا بولس)، جرى عليها بعضُ التغيير والتحريف حتى صارت كذلك (٣). والراجح عندي أنها مشتقة من أبلس الرجل: إذا انقطع، والله تعالى أعلم. الشيطان وإبليس اصطلاحًا: تردد لفظ (إبليس) و(الشيطان) في مواضع متعددة من القرآن الكريم، فقد ورد لفظ إبليس في أحد عشر موضعًا، ولم يرد هذا اللفظ إلا مفردًا في هذه المواضع جميعًا. أما لفظ الشيطان فقد جاء مفردًا ومجموعًا، فقد ورد مفردًا في سبعين موضعًا، وأما بلفظ الجمع فقد ورد في ثمانية عشر موضعًا، عدا من المواضيع التي ورد فيها لفظ الجن والجِنَّة، التي يراد في كثير منها الشيطان مفردًا ومجموعًا. الشيطان: في الإصطلاح هو: كلِّ متمرِّد من الجنِّ والإنس والدواب (٤)، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢]. وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الجن والإنس، قال: يا نبي الله، وهل للإنس شياطين؟ قال: نعم: ﴿شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢] " (٥). وقد يطلق لفظ الشيطان كذلك على المتميز بالخبث والأذى من الحيوان، فعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "ركب عمر برذونًا، فجعل يتبختر به، فضربه فلم يزدد إلا تبخترًا، فنزل عنه وقال: ما حملتموني إلا على شيطان، لقد أنكرت نفسي (٦)، وعلى هذا فإن الشيطان إذا أريد به الجنس فله معنيان: معنى خاص، ومعنى عام. أولا: - المعنى الخاص: ويراد به إبليس وذريته المخلوقون من النار، والذين لهم القدرة على التشكل، وهم يتناكحون، ويتناسلون، ويأكلون، ويشربون، وهم محاسبون على أعمالهم في الآخرة، مطبوعون بفطرتهم على الوسوسة والإغواء، وهم بهذا عاملون على التفريق والخراب، جاهدون لفصل ما أمر الله به أن يوصل، ووصل ما أمر الله به أن يفصل، وإبرام ما يجب فصمه، وفصم ما يجب إبرامه، فهم والملائكة على طرفي نقيض (٧). ثانيا: - المعنى العام:

(١) تفسير الطبري: ١/ ٢٢٤. (٢) فتح الباري: ٦/ ٣٣٩. (٣) انظر: إبليس - عباس محمود العقاد - نشر المكتبة العصرية - صيدا - بيروت - ص (٤٧). (٤) انظر: المفردات، الأصفهاني، ص (٢٦١)، وانظر: روح المعاني - الآلوسي ج (١)، ص (١٥٧)، وقد نسب الآلوسي هذا التعريف لابن عباس ﵄. (٥) مسند أحمد حديث (١٢٥٧)، ومجمع الزوائد ١/ ٩٤. (٦) تفسير الطبري: ١/ ١١١، وتفسير ابن كثير: ١/ ٣١ وقال اسناده صحيح. (٧) انظر: دائرة معارف القرن العشرين: ٢/ ٣٣٢.

1 / 183