6

الإعجاز العلمي إلى أين

الإعجاز العلمي إلى أين

Daabacaha

دار ابن الجوزي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٣ هـ

Noocyada

والتابعين وأتباعهم (١)، حتى إذا برز أهل الجدل من المعتزلة، ودخلوا في جدالهم فيما بينهم (٢) أو مع بعض الزنادقة الذين يطعنون في الإسلام، وقد ينتسبون إليهم أحيانًا (٣)؛ لما برز هؤلاء ظهر عندهم الحديث عن (المعجزة) (٤)، وكانت كشأن غيرها من المصطلحات الحادثة البعيدة عن

(١) يرد سؤال في محلِّه، وهو: لماذا لم يتكلم الصحابة والتابعون وأتباعهم عن (المعجزة وإعجاز القرآن = الآية) كما هو الحال عند من بعدهم؟ الذي يظهر لي - والله أعلم - أن الأمر مرتبط بالحاجة، فإعجاز القرآن كان مستقرًّا في أذهانهم، ولم يكن في عصرهم من يشكُّ في هذا أو يتكلم فيه؛ لذا لم تقع الحاجة إلى الكلام المسهب فيه، واقتصر الأمر على تفسير الآيات المتعلقة بالمعجزات من جهة بيان المعاني فحسب. (٢) قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص: ٦٤): «وسأل آخرٌ آخرَ عن العلم فقال له: أتقول إن سميعًا في معنى عليم؟ قال: نعم. قال: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ هل سمعه حين قالوه؟ قال: نعم. قال: فهل سمعه قبل أن يقولوا؟ قال: لا. قال: فهل علِمه قبل أن يقولوه؟ قال: نعم. قال له: فأرى في سميع معنى غير معنى عليم. فلم يجب! قال أبو محمد: قلت له وللأول: قد لزمتكما الحجة، فلم لا تنتقلان عما تعتقدان إلى ما ألزمتكما الحجة؟ فقال أحدهما: لو فعلنا ذلك لانتقلنا في كل يوم مرات! وكفى بذلك حيرة! قلت: فإذا كان الحق إنما يعرف بالقياس والحجة وكنت لا تنقاد لها بالاتباع كما تنقاد بالانقطاع فما تصنع بهما؟ التقليد أربح لك، والمقام على أثر الرسول ﷺ أولى بك». (٣) ومن هؤلاء ثمامة بن الأشرس، وهو منسوب للمعتزلة، قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث: «ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله تعالى ويؤمن به. ومن المحفوظ عنه المشهور أنه رأى قومًا يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة فقال: انظروا إلى البقر! انظروا إلى الحمير! ثم قال لرجل من إخوانه: ما صنع هذا العربي بالناس؟!». (٤) لقد كنت أتأمل سبب ظهور الحديث عن المعجزة عند المعتزلة، فبان لي أمرٌ أرجو أن أكون قد وُفِّقت فيه، وهو أن المعتزلة كانوا بحاجة إلى القول بالإعجاز بشرطي خرق العادة والتحدي لضعف قولهم في القرآن، فالقرآن عندهم (مخلوق)، لذا فالإعجاز لن يكون ذاتيًا فيه، بل سيكون مخلوقًا فيه أيضًا، فاضطروا إلى النظر في الإعجاز لأجل هذا، والله أعلم. =

1 / 8