363

شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها(1) في حياته، إذ عقدها الآخر(2) بعد وفاته، لشد ما تشطر أضرعيها، فصيرها في حوزة خشنا، يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار والإعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله تخبط وشماس، وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النضائر، أسففت إذ آسفوا، وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به(3) مطيته، فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع، ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومزقت أخرى، وفسق آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}[القصص:83]، بلى والله لقد(4) سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها، أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر(5)، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا شعب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد من عفطة عنز.

Bogga 371