229

عمرة الحديبية ثم كانت عمرة الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى في منامه أنه دخل البيت وحلق رأسه، وأخذ مفتاح البيت وعرف مع المعرفين، فاستنفر الصحابة (رضي الله عنهم) إلى العمرة، فخرج بهم لهلال ذي القعدة سنة ست، لا يشكون في الفتح للرؤيا المذكورة، وليس معهم سلاح إلا السيوف في القرب.

قال ابن هشام، عن ابن إسحاق: واستنفر النبي صلى الله عليه وآله وسلم العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب، فأبطأ عليه كثير من الأعراب، وساق صلى الله عليه وآله وسلم سبعين بدنة، ولما بلغ (ذا الحليفة) أشعرها وقلدها، وأحرم المسلمون بإحرامه، وكانوا سبعمائة رجل، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، وقيل: ألف وأربعمائة، عن جابر بن عبد الله، وقيل/ ألف وخمسمائة، عن مجمع بن حارثة الأنصاري، أخرجه أبو داود، وقال: وفيهم ثلاثمائة فارس.

وقيل: ألف وستمائة أكثر ما قيل، وبلغ أهل (مكة) ذلك فراعهم وتشاوروا، وقدموا الطلائع، ووضعوا العيون، وخرجوا إلى بلد فضربوا بها القباب والأبنية ومعهم النساء والصبيان، واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش، وأجمعوا على منع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- من دخول (مكة)، ودنت طلائع المشركين وخيلهم حتى نظروا إلى المسلمين وحانت الصلاة، فصلى صلى الله عليه وآله وسلم بالمسلمين صلاة الخوف.

قلت: وفي (سيرة ابن هشام): قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض من لا أتهم، عن عكرمة مولى ابن عباس أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا أو خمسين رجلا منهم، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصيبوا بهم من أصحابه أحد، فاخذوا أخذا فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعفى عنهم وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- بالحجارة والنبل.

Bogga 231