179

قلت: وكان طالب بن أبي طالب معهم، [فرجع](1) وبلغ أبا سفيان قول أبي جهل فقال: واقوماه هذا عمل [عمرو](2) بن هشام يعنى أبا جهل، ثم لحق المشركين فمضى معهم فجرح[معهم](3) يوم بدر جراحات وأفلت هاربا على قدميه ذكره الكازروني في تاريخه، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نزل أدنى بدر فبعث عليا عليه السلام في نفر يتجسسون على الماء فوجدوا عيرا روايا قريش فأخذوا السقاة وأقبلوا بهم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي، فسألوهم عن العير؟ فقالوا لهم: نحن سقاة قريش فضربوهم، فقالوا: نحن لأبي سفيان، فأمسكوا عنهم ففرغ رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم من صلاته وقال لهم: ((إن صدقوكم ضربتموهم، وإن كذبوكم تركتموهم)) ثم أقبل عليهم لسيألهم ويخبرونه بمن خرج من (مكة)، وأخبروه(4) أن قريشا خلف هذا الكثيب، فنهض-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتى نزل على قليب بدر، وبعث الله السماء، فأصاب المسلمين ماء لبد الأرض ولم يمنع السير، وأصاب المشركين من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه، وإنما بينهم قوز من رمل، وبني لرسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم عريش على القليب من جريد، وقام سعد بن معاذ على بابه متوشحا بالسيف، ومشى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في موضع الوقعة، وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر موضعا موضعا، فما عدا واحد منهم مصرعه الذي حد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبح رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ببدر يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، فطلعت قريش وهو صلى الله عليه وآله يصف أصحابه وهاجت ريح شديدة، ثم هاجت ريح أشد منها، ثم هبت ريح[ثالثة](5) أشد منها فكانت الأولى جبريل عليه السلام في ألف من الملائكه مع رسول الله صلى الله عليه والثانيه ميكائيل في ألف ميمنة والثالثه إسرافيل في ألف ميسرة، وكان الرجل يرى الملك علي(1) سورة رجل يعرفه وهو يثبته ويقول له: ماهم بشئ فكر عليهم، وبعثت قريش عمير بن وهب لحيرز المسلمين فقال: القوم ثلاث مائة وإن زادوا زادوا قليلا معهم سبعون راحلة وفرسان، ثم قال: يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوما ليس لهم ملجئ ولا منعة إلا سيوفهم يتلمضون(2) تلمض الأفاعي، والله ما أرى أن يقتل منهم رجل حتى يقتل منكم رجلا، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم فما خير العيش بعد ذالك، ثم بعثوا أخر فقال مثل ذلك، فمشىحكيم بن حزام في الناس ليرجعوا فوافقه عتبة بن ربيعة، وقال: هذا هو الرأي، ولكن ائت بن الحنضلية(3) يعني أبا جهل، فأبى أبو جهل وحرش بين الناس، حتى نشبت الحرب ودارت رحى الطعن والضرب.

قال في (أنوار اليقين) وغيره: كان أول مبارز ذلك اليوم علي -عليه السلام - برز هو وعمه حمزة وابن عمه عبيدة بن الحارث برزوا لعتبة وشيبة أبني ربيعة والوليد بن عتبة.

وعن قيس بن عباده قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما إن {هذان خصمان اختصموا في ربهم}[الحج:19] نزلت في الذين برزوا يوم بدر: علي، وحمزة، وعبيدة بن الحرث، وفي عتبة، وشيبة أبني ربيعة، والوليد بن عتبة، فقتل علي عليه السلام عتبة بن ربيعة جد معاوية، والوليد بن عتبة خال معاوية، وشارك عمه حمزة في قتل شيبة.

Bogga 181