62

الحذر من السحر

الحذر من السحر

Daabacaha

مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

والآيات الدالة على أنه خيال] (١) . الوجه الرابع في الرد على منكري الحديث: استبعد هؤلاء أن يكون النبيُّ ﷺ قد سُحِر، وقالوا: إن في الاعتقاد بحصول ذلك تصديقًا لمقولة الكفار وزعمهم أن النبيَّ ﷺ رجل مسحور، كما حكاه الله عنهم: [الفُرقان: ٨] ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ . كذلك قد زعم المنكرون أن تأثير السحر على النبيِّين ﵈ يحطّ من مقام نبوتهم، ويقدح بصحتها، وهو يُعدِم الثقة - بزعمهم - بما أتى به هؤلاء الأنبياء ﵈ من عقائد وشرائع. والردّ على هذين الزعمين يتطلب بسطًا لا يتسع له المقام لكن سأبين ما بوسعي بيانه، فأقول مستعينًا بالله تعالى: ما القصد بوصف الكفار للنبيِّ ﷺ بأنه رجل مسحور؟ إن الكفار يعيبون بذلك على المؤمنين اتباعهم وتصديقهم لرجل مسحور قد أثر السحر في اتزان عقله، بل قد أذهبه عنه بالكلية، وهو مثل قوله تعالى: [الحِجر: ٦] ﴿وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ *﴾، وقوله تعالى: [القَلَم: ٥١] ﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ . ذلك أن السحر قد يصل أثره أن يبلغ بالمسحور حدَّ الجنون، فإن تقرر أن ذلك هو قصدهم حين وصفوا النبيَّ ﷺ بالرجل المسحور، فإن وقوع أثر السحر على هيئة مرض جسدي حال بينه ﷺ وبين إتيانه نساءه، لا يتطابق؛ بل لا يتوافق مع زعم الكفار بأن السحر قد أخذ بعقله، أو سلبه القدرة على التفكير، فلا يكون - على ذلك - في إثبات الحديث تصديق لمقولتهم ألبتة، [وإن قَدَّر بعد ذلك ضعيف العقيدة - مُصِرًّا - أن الحديث فيه تصادم لظاهر نص القرآن، في قولهم هذا، فنجيبه بأن قول الكفار ذلك وادعاؤهم به كان قبل قصة سحر اليهودي للنبيِّ ﷺ الذي مرض بسببه، وبذلك تعلم أنه لا منافاة بين الآية المذكورة

(١) انظر: أضواء البيان للعلاّمة الشنقيطي (٤/٤٧٤) .

1 / 67