أما الفخر الرازي فقد هرب من معركة قراءة الكسر واكتفى في تفسيره:19/69، بذكر الأقوال بناء على قراءة الفتح وقراءة الكسر ، ولم يرجح أيا منها فقال: (والله تعالى أعلم بالصواب) !
وهكذا اختار مفسروا السنة قراءة الفتح ، واضطروا أن يسلكوا طريقا آخر لإبعاد الآية عن علي عليه السلام فقالوا إن المقصود بالكتاب فيها ليس القرآن ، بل التوراة والإنجيل ، والمقصود (ومن عنده علم الكتاب) هو عبد الله بن سلام ، أو غيره من علماء اليهود والنصارى !
لكن يرد عليهم ثلاث إشكالات لا جواب لها :
أولا: أنه لو كان عند عبد الله بن سلام وعلماء اليهود والنصارى علم الكتاب لكانت درجتهم أعلى من درجة آصف بن برخيا الذي أتى بعرش بلقيس من اليمن ، والذي عنده علم من الكتاب !
ثانيا: كيف يجعل الله تعالى علماء اليهود والنصارى شهداء على الأمة الإسلامية بعد نبيها ؟! ولو سألتهم أول سؤال عن نبوة نبينا صلى الله عليه وآله ، لنفوها ؟!
ثالثا: لو سلمنا أن هؤلاء عندهم علم التوراة والإنجيل ، فأين الذي عنده علم القرآن من أمة نبينا صلى الله عليه وآله ؟!
فهل لا يوجد علم القرآن بعد النبي عند أحد ؟! أو يوجد عند فلان وفلان الصحابي الذي لم يعرف معنى آية مثل:(وفاكهة وأبا) ؟!
رابعا: قال لهم سعيد بن جبير: إن الآية مكية ، واليهودي عبد الله بن سلام أسلم في المدينة ، فكيف تقصده الآية قبل إسلامه ؟!
إن تنازل الجيل التالي منهم عن قراءة عمر بالكسر ، وتفسيرهم لها بعبد الله بن سلام لم يجبر الموضوع ! فمن حق الباحث أن يتعجب من الطبري وغيره كيف يقبلون أن يكون الشخص الذي ارتضاه الله تعالى شاهدا على الأمة الإسلامية علماء اليهود كلهم أو بعضهم ؟!!
ومن طريف ما رواه الطبري في تفسيره:7/118 رواية (عن أبي صالح في قوله: ومن عنده علم الكتاب؟ قال: رجل من الإنس ولم يسمه )!!
Bogga 346