الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
Daabacaha
(بدون)
Noocyada
فهذا وعد من الله بالإِنفاق على من أنفق في سبيل الله، والله ﵎ لا يخلف وعده.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي ذر ﵁ قال: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَأَىنِي قَالَ: «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ فَلَمْ أَتَقَارَّ (^١) أَنْ قُمْتُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا إِلَاّ مَنْ قَالَ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ -، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» (^٢).
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك ﵁ قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ ﷺ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ (^٣).
قال ابن القيم ﵀: «وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه ﷺ، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه، وكان
(^١) فلم أتقار: أي لم يمكنني القرار والثبات. (^٢) صحيح البخاري برقم (٦٦٣٨)، وصحيح مسلم برقم (٩٩٠). (^٣) صحيح البخاري برقم (١٤٦١)، وصحيح مسلم برقم (٩٩٨).
1 / 92