الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
Daabacaha
(بدون)
Noocyada
قال ابن جرير وغيره: هَذَا حَدِيْثٌ جَامِعٌ لأَنْوَاعٍ مِنَ الخَيْرِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَن فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طَلَبَت نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَاسْتَصْغَرَ مَا عِنْدَهُ مِن نِعْمَةِ اللهِ، وَحَرَصَ عَلَى الازْدِيَادِ لِيَلحَقَ بِذَلِكَ، أَو يُقَارِبَهُ. هَذَا هُوَ المَوْجُوْدُ فِي غَالِبِ النَّاسِ، وَأَمَّا إِذَا نَظَرَ فِي أُمُوْرِ الدُّنْيَا إِلَى مَن هُوَ دُوْنَهُ فِيْهَا، ظَهَرَتْ لَهُ نِعْمَةُ اللِه تَعَالَى عَلَيْهِ، فَشَكَرَهَا، وَتَوَاضَعَ وَفَعَلَ فِيْهِ الخَيْرَ. اهـ (^١).
وكان النبي ﷺ من أكثر الناس قناعة وزهدًا في الدنيا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة ﵂: أنها قالت لعروة ابن أختها: «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ نَارٌ. فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَاّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ» (^٢).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك: أن فاطمة نَاوَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَقَالَ: «هَذَا أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلَهُ أَبُوكِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» (^٣).
وفي الصحيحين من حديث أبي حازم قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ مِرَارًا يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ مَا شَبِعَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ وَأَهْلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا (^٤).
وكان النبي ﷺ يسأل ربه أن يجعل رزقه كفافًا، أي مقدار حاجته فقط.
(^١) صحيح مسلم شرح النووي (٦/ ٩٧). (^٢) صحيح البخاري برقم (٦٤٥٩)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٧٢). (^٣) مسند الإمام أحمد (٢٠/ ٤٤٠) برقم (١٣٢٢٣)، وقال محققوه: حديث حسن. (^٤) صحيح البخاري برقم (٥٣٧٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٩٧٦) واللفظ له.
1 / 159